تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


العنف والإعلام

ملحق ثقافي
7-8-2016
هنادة الحصري

لشد ما تؤلمني مقولة هتلر: «لا أكترث لمصير العرب لأنني أعرف أنهم سيقتلون بعضهم البعض يوماً».

إزاء ما يجري، أجدني أمام أمة منهكة تكالب عليها الجميع فشلّوا إرادتها، وبالتالي شل الإرادة يؤدي إلى شلّ الفاعلية، حيث يشكل العنف سمة بارزة من السمات المميزة لحياتنا. فعلاقتنا بالاّخر عنوانها العنف، وبالتالي هذه العلاقة ستنعكس سلباً على أدائنا الحياتي فكيف ونحن نمر بهذه الأزمة؟!‏

لعل التركيز الأكبر يقع على دور الإعلام، فمسؤوليته كبيرة إزاء ما نتعرض له من مؤامرة وازدواجية في التعامل والمعايير، وبالتالي فإن نجاح الدور الإعلامي منوط بمدى استعداد هذا الإعلام لفهم واقع العصر ومجاراته باعتماد الصدق مع الذات ومع الاّخر وعدم احتكار الصواب والاكتفاء بنقل المواقف ووجهات النظر العربية، بل التركيز على الرأي العالمي، كون الإعلام سريع الانتشار في ظل الغزو الفضائي والثورة التقنية والمعلوماتية.‏

على هذا فإن المتابع لبرامج الحوارات على شاشات التلفزة يلاحظ أن الاعلام يغذي العنف فينا، إذ وبعد انتهاء الحوار يخرج المتلقي وقد ازداد احتقانه وكرهه لكل ما يجري، عدا عن استعمال المحاور ألفاظاً لا تليق والمشاهد المتلقي، فيتحول الإعلام بذلك إلى أداة عنف ترفع نسبة الأردينالين لدينا بدلاً من أن يكون أداة تنوير وتوضيح ومساهمة في وضع أسس للحوار وتمهيد الطريق له. فما فائدة الحوار ونحن نشحن برؤية سوداوية للاّخر تحول دون الوصول إلى طاولة الحوار.‏

فالعنف وكما يقول بول ريكور: «مهما تكن الغاية التي يسعى إليها سراً أو علناً، مباشرة أو بشكل غير مباشر، إنما هو موت الاّخر، وموته على الأقل، أو شيء اّخر أسوأ من موته».‏

فبهذا يكون العنف اعتداء يرتكب بحق إنسانية الاّخر دون مراعاة منظومة توازن القوى.‏

يبرز تساؤل في مقالة لخيري منصور: «لماذا نكره بعضنا، فلا أظن أن هناك تفسيراً أو تأويلاً لهذه الكراهية المتبادلة والبينية في العالم العربي غير ما يسمى عقدة المقهورين».‏

للأسف هي ثقافة مجتمع بأسره، العنف ولا شيء سوى العنف، نحن بحاجة الى التغيير، فهو عملية مركبة بثقافة جديدة تكون امتداداً للأصيل من القديم.‏

وما أجمل ما قاله أرنولد توينبي قبل وفاته: «يبدو أن الخلاص الوحيد للإنسان في عصر الكمبيوتر، هو الصفاء الروحي الداخلي».‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية