وباستمرار فان لدى المشروع المعادي بدائل يطرحونها ويتصورون بأنها تسدد حاجات ومقومات هذا المشروع المصيري والنوعي ومن هذه البدائل ان يطرح في التداول المسار الاسلاموي ان كل مايجري هو بأمر الله والتزاما بالشرع وتوخيا لرضا الله والوصول الى هياكل في الدنيا والى جنان الخلود في الاخرة وما بين المشروع والهدف في جنان الخلد لا بد من ان تتحول سورية الى ميدان لتنفيذ هذه الاسطورة ولابد من ان تظهر بصورة فاضحة نزعات القتل والتدمير في البشر والحجر والاثر وكلما جرى الامعان في ذلك كانت درجة الايمان اكثر قوة ووضوحا.
وبهذه المناسبة فان هذا المعنى المفتوح على الانسياح هو الجامع ما بين الماسونية والصهيونية التلمودية والحركة الوهابية والتنظيم العام للاخوان المسلمين وما تناسل عن هذه المعالم من تنظيمات ارهابية راهنة ومن تعديلات حيوية في مسألة علاقة الخارج بالداخل السوري وكان اخطر المظاهر هو وحدة العدو من الداخل مع اساسياته وضامنيه من الخارج ومن هنا جاء دور الغرب الاستعماري الاوروبي والاميركي والتركي وجاءت المهام التي كلفت بها قوى الظلام والرجعية في الجزيرة العربية بكاملها.
ولم تكن هذه الاستفاضة الضرورية مجرد توصيف سياسي او هي تعبير عن وجهة نظر لان الامر المهم هو ان يتم التعامل في الصراعات الكبرى تاريخيا مع عدو او قائمة اعداء على قاعدة الوضوح لان الموقف المجزوء والمتحرك بطريقة المزاج والتقافز سوف يعطي الفرصة باستمرار للقوى المعادية ان تبدل وتعدل في تطبيقات همجيتها على الوطن السوري.
اي ان الاداء الوطني لابد ان يحتسب بدون تردد عاملين متلازمين في المواجهة، الاول منهما التدقيق في جذور القوى المعادية انظمة او تنظيمات على قاعدة علمية وتاريخية تؤكد منذ وجود الخليقة على هذه الارض انه ما من شيء يصدر من الفراغ ثم يصب في الفراغ، أما العامل الثاني المتلازم مع الاول فهو يتمثل في استثمار العلاقات والمعاني القائمة ما بين الواقع كحالة راهنة والواقعية كمقدرة على التبصر بالاخرين والكفيلة بأن تبقي القضايا المصيرية الاساسية في التداول وفي الحياة.
وهنا ندرك بأن الامر الواقع هو استسلام والواقعية هي مقدرة حيوية على اجتراح مصادر الصمود القائمة على البنية الوطنية قبل اي اعتبار وعلى خبرة حيوية دائمة بالمشروع المعادي من حيث قواه وقيمة واسلحته وادواته، وما زال العالم المراقب والدارس يرى أن الاداء الوطني السوري يقع في هذه المسافة ما بين الواقع والواقعية.
وبصورة مجملة تعتمد على رصد الخط العام وليس على النتوءات المتبعثرة والتي يراد منها التشتيت من جهة وصرف النظر عن الخطوط الاساسية، وفي وعي ذلك لابد من ان نتنبه الى ان المشروع المعادي هو تاريخي ومصيري اي هو مركب اصلا على فكرة الموت لنا وهذا ما يتطلب بالضرورة ان يكون الاداء الوطني السوري مركبا على فكرة الحياة.
ومن قيم التناقض ما بين الفكرتين نرى هذه الظاهرة لدى الاخرين القائمة على وحدة مسارات العدوان واطلاق كل جزء في موعده وعند الحاجة الضرورية إليه والتفريق هنا بين المسارات ليس ميكانيكيا وانما هو احاطة منهجية تتحول الى مادة فكرية واستراتيجية في ادائنا الوطني المعروف، ونحن نلاحظ بل نعيش بمرارة هذا المعنى لقد بدأ المشروع المعادي بالعمل العسكري الاجتماعي المباشر وكانت المقدمات المؤهلة والمؤهبة له تمتد الى عشرات السنوات قبل البدء بتنفيذ المشروع في العام 2011 م .
والان ومنذ سنوات ثلاث ولربما اكثر استنفد المشروع العسكري المسلح طاقته بفعل الشهادة والشهداء في هذا الوطن وبتأثيرات صمود الشعب على البلاء والقذائف وشحة الموارد وهيجان الاستغلال وتسلل تجار الحروب الى المعركة في عزها، هذا هو العامل الجديد والاكثر خطرا وهو العامل الاقتصادي عبر الحصار من الخارج وما يسمى بالعقوبات على سورية وكان آخر القائمة قانون قيصر الاميركي وعبر المواظبة الوقحة على تدمير الانتاج ومصادر الانتاج في الداخل الوطني كان الخطر الاكبر هو ظهور الفساد والاستغلال وتجار الحروب وواضح ان هذا المسار هو الاكثر حقداً والاقوى تاثيراً في حياة المواطنين.