بل تعدى ذلك إلى الحرب على البيئةوالمكونات الطبيعية, فقد طال ذلك أيضاً المياه اللبنانية على طول الشاطئ وحتى الحدود مع سورية, بعد أن قام الطيران الإسرائيلي بتدمير خزانات الوقود في معمل الجبة الحراري, فانتشرت البقع النفطية من الفيول حتى شواطئ دول أخرى وقد تلوثت مياه البحر نتيجة تسرب الفيول والنفط إلى البحر وتلوثت الأجواء جراء احتراق الخزانات, فقد تسرب نحو 15 ألف طن من المحروقات النفطية الثقيلة (فيول أويل) مع احتمال كميات أخرى مماثلة, وذلك جراء القصف الهمجي الصهيوني المتعمد ما أدى إلى اشتعال بعض خزانات الوقود لأكثر من عشرة أيام وتسرب المحروقات التي لم تشتعل إلى مياه البحر الأبيض المتوسط الذي تحول إلى بحر أسود وتسبب بكارثة بيئية لم تتضح نتائجها بعد بشكل كامل.
لقد تسببت بقع النفط بقتل الأحياء البحرية وتلويث الشاطئ اللبناني واستحالة استخدام المياه للسياحة والصيد, كما أن هناك احتمالاً لتسرب النفط والزيت من البوارج والقطع البحرية الإسرائيلية التي تحاصر السواحل اللبنانية وتمارس العدوان على لبنان منذ نحو شهر أمام أنظار العالم وأسماعه.
وقد ساعدت الرياح الجنوبية الغربية المتجهة نحو الشمال الشرقي وحركة التيارات البحرية بانتشار البقع النفطية بسرعة أكبر على الشواطئ اللبنانية العامة والخاصة, الصخرية والرملية بما فيها المرافئ السياحية والتجارية ومرافئ الصيد الممتدة خاصة بين منطقتي الدامور جنوب بيروت وطرابلس في الشمال.
ولم يقتصر التلوث على مياه البحر, بل نجم عن القصف الهمجي الإسرائيلي للمنشآت والجسور والطرق وكافة البنى التحتية حرائق هائلة كونت سحباً كثيفة من الدخان الأسود لوثت الأجواء الذي يؤدي إلى حدوث أمراض سرطانية ورئوية وجلدية وغيرها.
ولن تعرف نتائج هذا العدوان الإسرائيلي على البيئة ومكوناتها إلا بعد انتهاء العدوان, لأن الحرب مستمرة ومتصاعدة والعدوان الصهوني لا يقيم وزناً لأية مواثيق أو معاهدات دولية ولا يهتم بحقوق البشر وهو الذي يدمر البيوت فوق رؤوس أهلها ويعمل لتصعيد العدوان, فكيف سيقيم وزناً للطبيعة والأمور البيئية?!
وقد ذكرت صحيفة الديار اللبنانية أنه أمام هذا الواقع البيئي الذي وصل إلى حد الكارثة البيئية التي طالت المياه والأحياء البحرية, فإن وزارة البيئة اللبنانية تبدو عاجزة عن فعل شيء, لأن الكارثة أكبر من إمكاناتها, ولهذا فقد طلبت المساعدة من الحكومات الأطراف هي اتفاقية برشلونة, وهي المعاهدة الاقليمية لبيئة البحر الأبيض المتوسط, عن طريق تقديم المعدات والعناصر البشرية المدربة.
وتقدر كلفة المعالجة لهذا التلوث البحري نحو 150 مليون دولار على طول المساحة الملوثة 130 كم من الشاطئ.
وزير البيئة اللبناني يعقوب الصراف أعلن أنه بسبب الكارثة التي حلت بالشاطئ جراء التلوث النفطي المنتشر من شاطئ الجبة في الجنوب وحتى شاطئ طرابلس في الشمال, أن وزارته بصدد إعداد خطة وطنية لمكافحة هذا التلوث الناتج عن العدوان الإسرائيلي كما طالب المواطنين والجمعيات الأهلية مد يد المساعدة.
وقد طلبت وزارة البيئة اللبنانية مساعدة بعض الدول وخاصة الكويت التي لها خبرة في هذا المجال أيام حرب الخليج, كما طالبت وزارة البيئة اللبنانية المساعدة من برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
وتشير مصادر وزارة البيئة اللبنانية أن عملية إزالة التسرب النفطي سوف تستغرق فترة زمنية طويلة تقاس بالسنوات.
ويتوقع خبراء البيئة أن تكون الثروة الحيوانية البحرية, وخاصة الأسماك قد تأثرت بشكل كبير, إلا أن الأضرار الحقيقية والدقيقة لا يمكن تقديرها الآن لانعدام الوسائل التقنية الحديثة وصعوبة التحرك بسبب استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان جواً وبراً وبحراً!
وحذرت وزارة البيئة اللبنانية من صيد الأسماك على امتداد الشواطئ اللبنانية, ريثما يتم إنجاز دراسات تقييم نطاق التلوث بشكل نهائي.
ويعتبر القطاع السياحي في لبنان هو الأكثر تأثراً جراء هذه الكارثة البيئية الخطيرة, نظراً لتأثر الشواطئ العامة والخاصة بشكل كبير, بما فيها من زوارق ومراكب الصيد ويخوت وقوارب السياح من مختلف الدول العربية ودول البحر المتوسط إلى جانب قوارب اللبنانيين. وسيؤثر ذلك على مداخيل السياحة اللبنانية نظراً للفترة الزمنية التي ستستغرقها أعمال تنظيف الرمال والصخور والشعاب السطحية والنظم البحرية كافة.
وتبقى الخسائر المادية مهما بلغ حجمها ونتائجها الاقتصادية والبيئية ضئيلة أما الإنسان فهو الأهم وحرية الوطن وسيادته وكرامته هي الأهم وسيعود لبنان إلى النهوض من جديد ويهزم المعتدين بفضل المقاومة الباسلة والوحدة الوطنية وصمود الشعب اللبناني.