تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حاملات النار وعناق الذاكرة للألم

فضائيات
الأربعاء 19-5-2010م
  هفاف ميهوب

كثيرة هي البرامج الوثائقية التي نشاهدها على العديد من الفضائيات وتتعلق بالقادة والمفكرين والفنانين وبالقديم والجديد من الحضارات,

 وبكلِّ ما وثَّقهُ التاريخ عبر أزمنته. تلك الأزمنة التي أصبحنا نشاهدها بطريقة تعيدنا إليها لحظة إثر لحظة وصورة إثر حدث..‏

لكن, ولأنَّ الجزيرة وثائقية قد تخصَّصتْ بهكذا برامج, فقد استطاعت أن تكون الأكثر قدرة على استقطاب أعداد هائلة من عشاق التاريخ وذلك لما فيها من عمق وشمولية وشواهد هي رهان التاريخ على عناقه للزمن..‏

حاملات النار.. من البرامج التي عرضتها هذه الفضائية وبالصوت والصورة والوثائق التي جعلتنا نلتمس ومن خلال ماروتهُ مناضلات جبهة التحرير الوطني في الجزائر, كيف استطاعت المرأة, النور والنار.. لعب الدور الأكبر في النضال وصولاً إلى تحرير بلدها من جحيم الاستعمار..‏

(فضيلة عطية, جميلة بوحيرد, زهرة ظريف, فطومة أوزغان, فاطمة لوردان وغيرهن..) جميعهنَّ مناضلات, لولا هذا البرنامج لما عرفنا منهنَّ سوى (جميلة بوحيرد) تلك التي كان لها بصمة بطولية راسخة في ذاكرة كل عربي شريف الهوية ..‏

لقد خرجن عن عادات المجتمع وتقاليده واضَّطررنَ إلى تغيير أشكالهنَّ بقصِّ أو تلوين شعورهنَّ, وذلك رغبة منهنَّ بالانخراط  في صوف الجيش الفرنسي, وبدعوى أنهنَّ أوروبيات يرغبن بالعمل كعميلات.. مما سهَّل أمامهنَّ التجوُّل في الشوارع والمطاعم والبارات التي يرتادها المحتل, ودون أن يخمِّن أنَّهن حاملات النار إلا بعد أن يكنَّ قد قمن بزرع العبوات الناسفة والهرب بأعجوبة وقبل دويّ الانفجار.‏

إنهنَّ مناضلات سلَّط البرنامج اهتمامه على كلِّ من كانت منهنَ لاتزال على قيد الحياة, لتروي قصة نضالها وبدءاً من نعومة شبابها الذي لم يُثمر في ظل هيمنة استعمارٍ تفنَّن في استخدامه لجميع أساليب البشاعة في القتل والتعذيب والانتهاك والدمار..‏

 (فاطمة لوردان) إحداهنَّ. التقاها البرنامج وسألها عن عملها الفدائي وخطورته, لتجيب  بكلماتٍ مفرداتها من بطولتها: «منذ الرابعة عشرة من عمري, وبسبب ألم أهلي وخراب وقتل واغتصاب وتدمير بلدي, انضممت إلى صفوف الفدائيات..  ليس سهلاً أن تكون المرأة فدائية لكن, وعندما نتعرض لهذا المقدار من انتهاك الكرامة, علينا حمل السلاح ودون خوف أو تراجع أو خيانة وهو مالا يقبلهُ العمل الفدائي»..‏

البرنامج لايكتفي بنقل ماروتهُ المناضلات, حاملات النار. وسواء عن أنفسهنَّ أو عمَّن أُسرت وعُذِّبت واغتُصِبت أو أُعدمت من صديقاتهنَّ, ليقوم أيضاً وتصديقاً لما روته كل مناضلة, بعرض صور للجرائد والمجلات والوثائق التي تؤكِّد عملياتهنَّ الفدائية, إضافة إلى لقائه بمعاون سابق في جيش الاحتلال قال عنهنَّ: «لقد كنَّ من الذكاء والدهاء ماشكَّل عائقاً أمام قدرتنا في القبض عليهنّ  وفي إرغام من يُقبض عليها وتقاد إلى الأسر والتعذيب, بالاعتراف بأسرار عملها وصديقاتها»..‏

يبدو أن البرنامج, لم يهدف إلى تذكيرنا بوحشية الاستعمار فقط  ذلك أنه جعلنا نلتمس أن بإمكان المرأة التي تحمل الأزهار دفاعاً عن أنوثتها أن تحمل النار أيضاً, ودفاعاً عن كرامتها وعروبتها.. وبشراسةٍ بلغت حداً جعل نجاح أي عمل فدائي يتطلب مساعدة ست من الفدائيات, حاملات النار..‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية