رغم الليلة العاصفة والهواء البارد كان الحضور لا بأس فيه.. وأثنى المالح على من أتى.. رغم سوء الطقس. وقبل البدء كان الحوار يدور حول أغاني فيروز والتقليد العجيب - الجميل - الذي اعتادته المحطات الإذاعية في أن تبدأ مشوارها الإذاعي.. بـ فيروز وكأنها معلنة بدء الصباح لينتقل بعدها أ. المالح إلى آلة الأكورديون ويتحدث عنها بكثير من الاهتمام والعناية مسلطاً الضوء عليها من خلال إسماعنا لبعض الأغاني والمقطوعات الموسيقية التي يكون للأكورديون فيها دور مهم.
هذه الآلة إحساسها كآلة ونقل إحساسها إلى الآخر مختلف عن بقية الآلات، مثلاً آلة الكمان يكمن إحساسها في حركة القوس وسحبه على أوتارها أما آلة الأكورديون فهي تشبه حالتي - الشهيق والزفير - وفي كليهما يختلف النغم - شهيقاً أم زفيراً - ولعل هذه الآلة الغريبة التي وفدت إلينا من الصين وحضارتها العظيمة تنظم لقافلة من الاختراعات التي رفدتنا بها الحضارة الصينية كصناعة الورق - والإعلان، فهم أول من أعلن - أي قدم إعلاناً مثل «مطلوب حياً أو ميتاً» بشكل مكتوب وموزع في أماكن معينة.
نعود إلى آلة الأكورديون ومقاربته مثلاً لآلة البيانو في المفاتيح البيضاء والسوداء - أو «الأوكتاف».
ويختار لنا أ. المالح أغنية بعنوان «مريت على بيت الحبايب» كلمات: أحمد عبد المجيد، ألحان وغناء: محمد عبد الوهاب 1932 - القالب: مونولوج - المقام: كرد وتبدأ الأغنية:
مريت على بيت الحبايب
من اشتياقي أناجي أهله
مادام مليك القلب غايب
وفي التلاقي يبخل بوصله
وقفت لحظة هنيه
من غير عزول أو رقيب
أنعش فؤادي وعيني
بجو فيه الحبيب
وديني صابر مهما هجرني
وإن شاء يجافي أخضع لأمره
حيث يأتي دخول آلة الأكورديون في المقطع الثالث - والأخير - لازمة ويأتي كلام الأغنية في المقطع الثالث مع الأكورديون:
- مين في حبه يرضى بنصيبي
مين في حبه يحمل شقايا
- شدو قلبي سامعه حبيبي
وأشتكي له ينكر هوايا
- لو يجيني بالليل خياله
يشفي قلبي وأشكي له ميلي
- وإن منع عني خياله
يبقى وحده هو عزولي
ويشير أ. المالح إلى أن فريد الأطرش اعتمد الاكورديون في أغنية: يا زهرة في خيالي وهي «تانغو» رقص عليها الأجانب حتى سمي «التانغو العربي».
أما أغنية ليلى مراد /أطلب عيني/ التي استمعنا إليها فهي من كلمات مأمون الشناوي ألحان: محمود الشريف .. القالب: مونولوج المقام: نهاوند وعجم، الوزن: تانغو حيث تبدأ الأغنية بعزف كل من الآلات: بيانو أوركسترا وأكورديون على إيقاع التانغو: ويستمر الأوكورديون حتى آخر الأغنية بإعادة المذهب.. تقول الأغنية:
أطلب عيني
قلبي وعيني فداك
غاليين علي
وأغلى منهم رضاك
أطلب عيني غاليين علي
قلبي وعيني فداك
وأغلى منهم رضاك
ليأتي الأكورديون مع الاوركسترا في المقطع الثاني:
صحتني من أحلامي
وحرمتني من كاسي
كان الألم أنغامي
غناها لك إحساسي
والنار في ضلوعي
منورة للحياة..
ويعلّق أ. المالح بالقول: آلة الأكورديون آلة شعبية في مصر أما في لبنان فلهادور كبير والأخوان رحباني خير من يعرف بأهميتها في الاوركسترا، وفي سياق الحديث عن مدرسة الرحابنة لابد من الاستماع لشيء من إبداعهما... حيث اختار أ. المالح أعنية جميلة بعنوان «بعدنا» كلمات وألحان: الأخوين رحباني وغناء، فيروز، القالب: قصيدة متطورة من طقطوقة، الوزن: رومبا المقام نهاوند.
حيث يظهر الأكورديون واضحاً من بداية الأغنية... في المقدمة الموسيقية:
بعدنا من يقصد الكروم
من يملأ السلال
من يقطف الدوالي
بعدنا هل تنزل النجوم
تلهو على التلال
في هدأة الليالي
ثم تكون هنا لازمة صغيرة للأكورديون وتتابع فيروز غناءها:
في سفحنا العرزال
يرف سحري الغصون
وساحة الأظلال
في شجوها طيب حنون
أرضنا هنا وربعنا
وحيث همنا وانتشينا
سحرها لنا وحلمنا
فإن رحلنا ومضينا
ليدخل الكورال بصوتين ولكن بطريقة رائعة ولافتة تناوباً مع المطربة ويختتم أ. المالح بأغنية حديثة بعنوان «حبيبي يا نور العين» كلمات أحمد شتا، ألحان ناصر المزداوي، غناء عمرو دياب 1998 القالب: طقطوقة، المقام: حجاز كار حيث يبدو حضور الأكورديون قوياً في الأغنية صوتاً وصورة عبر الفيديو كليب الذي قدمه عمرو دياب ونجح فيه عبر اختيار الكلمات واللحن ومضمون الكليب ككل.
وهكذا كان الختام مع نادي الاستماع الموسيقي الذي وعدنا في الأسبوع القادم بشيء جديد ومختلف على لسان أ. ياسر المالح الذي جعل شعار النادي «أنصت تدخل عالم الحقيقة ولربما تعرف كل الحقيقة في صمتك».