وحسب بعض المصادر فإن هذه المفاوضات التي ستكون بوساطة الولايات المتحدة يفترض أن تبدأ في 12 آذار وأن تستمر ثلاثة أشهر وذلك في وقت أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أنه حصل على أجوبة على عشرة أسئلة طرحها على الأميركيين تتصل بالمحادثات.
هذه الأجوبة لم تنشر بعد، لكن الاسئلة تدل على توقعات الفلسطينيين المنخفضة من المفاوضات المرتقبة ويتصل معظمها بصباح اليوم التالي للأزمة.
وعلى سبيل المثال إذا وصلت الاتصالات غير المباشرة إلى طريق مسدود، هل ستوافق الولايات المتحدة على جمع الرباعية لإلقاء المسؤولية على الطرف المسؤول عن الإخفاق؟ ومع عدم وجود اتفاق على أساس التفاوض في الاتفاق الدائم هل ستعلن واشنطن أن الأساس هو حدود 1967 بما في ذلك شرقي القدس؟ هل الولايات المتحدة مستعدة لضمان تجميد البناء في المستوطنات في الضفة وفي شرقي القدس أثناء عملية التفاوض، حتى دون إعلان رسمي من إسرائيل بالتجميد؟
لا نرى أن الدكتور صائب عريقات رئيس فريق التفاوض في منظمة التحرير الفلسطينية يلبس زي الاحتفال استعداداً لهذه المفاوضات. يقول عريقات إنه يصعب عليه أن يتعرف على الفرق بين هذه المفاوضات وبين الـ 31 اجتماعاً التي أتمها هو ورفاقه مع جورج ميتشل منذ تعيينه في كانون الثاني من العام الماضي مبعوثاً رئاسياً أميركياً إلى الشرق الأوسط.
ويضيف عريقات: إن فرح نتنياهو الكبير لأن الفلسطينيين «بدأوا ينزلون عن الشجرة» سابق لأوانه ومبالغ فيه جداً.
والواقع أن قرار الحكومة الخاص بقبر «راحيل» والمسجد الإبراهيمي في الخليل أثبت ما الذي ينتظرهم في أسفل. وهو قرار يذكر خريجي اتفاق أوسلو بأمر رئيس الحكومة نتنياهو في أيلول 1996 بفتح نفق حائط البراق. إن ضعف نتنياهو إزاء تراث إسرائيل، وعدم حساسيته بكرامة الجيران، كلفا آنذاك عشرات الضحايا من الإسرائيليين والفلسطينيين.
وتشير وثيقة شاملة من 21 صفحة، بقلم عريقات إلى طبيعة توقعات الفلسطينيين من الرئيس باراك أوباما.
تستعيد الوثيقة التي نشرت أخيراً بين ساسة أوروبيين المحطات في رحلتهم بعد الإدارة الجديدة إلى رأس الشجرة.
فقد أبلغ أوباما في لقائه الأول الرئيس عباس في البيت الأبيض في الثامن والعشرين من أيار من العام الماضي أن على الطرفين أن يفيا بجميع التزاماتهم في إطار خريطة الطريق. وخلال ذلك ذكر الرئيس أن على إسرائيل أن تكف من الفور عن كل بناء في المستوطنات. ووافق أوباما على أنه ينبغي تجديد التفاوض من النقطة التي انتهى إليها في شهر كانون الاول 2008 بين أولمرت وعباس.
ويزعم عريقات أنه في جميع اللقاءات التي أجراها معه ميتشل كرر له القول: لا أطلب منكم شيئاً. تابعوا فقط الوفاء بالتزاماتكم. تنحصر جهودي في الطرف الإسرائيلي. يجب عليكم أن تفهموا أنه يجب عليهم وقف البناء في المستوطنات ومن ضمن ذلك الزيادة الطبيعية وتجديد التفاوض من النقطة التي وقف عندها في كانون الأول 2008. وأضاف ميتشل: إن على الدول العربية في الوقت نفسه أن تبدأ خطوات تطبيع مع إسرائيل لتشجيعها على تطبيق الخطوات المطلوبة منها.
ولكن، يضيف عريقات، في آب الماضي بدأ ميتشل يتحدث حديثا مختلفاً وأبلغنا: لا تطلب الولايات المتحدة شيئاً من الدول العربية، وفيما يتعلق بإسرائيل يبدو أننا لن ننجح في أن نحرز منها كل ما أردناه.
وقد التقى ميتشل عباس في الخامس عشر من أيلول في المقاطعة وأبلغه بموافقة نتنياهو على أن يُجمّد البناء في المستوطنات تجميداً مؤقتاً، معتبراً أن هذا أفضل ما نجحنا في الحصول عليه من إسرائيل.
ويقول عريقات: إن التفاصيل الكاملة (الإعفاء من التجميد في شرقي القدس والمباني العامة في الضفة، والسماح ببناء 3000 وحدة سكنية في المستوطنات) علمها الفلسطينيون من مصادر إسرائيلية.
وحول استئناف التفاوض، قال عريقات: إن ميتشل اتفق مع نتنياهو على أن يجدد التفاوض بغير شروط مسبقة. حيث سيتم تناول جميع الموضوعات الجوهرية وضمنها القدس واللاجئين، لكن (بخلاف موقف أوباما في أيار 2009) لن يبدأ التفاوض من النقطة التي وقف عندها في نهاية 2008. وفي محاولة للتغطية على التراجع الذي طرأ على الموقف الامريكي، أبلغته الإدارة في الثلاثين من أيلول وفي العشرين من تشرين الأول، كما قال عريقات: استعدادها أن تمنح الفلسطينيين رسائل ضمانات تذكر أن الولايات المتحدة تعترف بعدم شرعية البناء في المستوطنات وضم شرقي القدس. وتلتزم في رسالة أخرى أن تبذل كل جهد ممكن ليستكمل التفاوض في غضون 24 شهراً، تنشأ على آثره دولة فلسطينية مستقلة.
بعد أن بين الأميركيون أنه لا يوجد للرسائل أي معنى قانوني، أعلن أبو مازن أنه يصر على رفضه استئناف التفاوض، واضطر أوباما إلى التخلي عن خطته إعلان استئناف المفاوضات في نهاية اللقاء المشترك الذي أجراه في نيويورك في نهاية أيلول مع نتنياهو وعباس. وقدر عريقات أن التطورات في الملف الإيراني، والمشكلات الداخلية والوضع في أفغانستان وفي العراق، لعبت دوراً مركزياً في رجوع أوباما عن موقفه الأصلي.