تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حمقى يُشعلون حرب الأكاذيب

Counter punch
ترجمة
الأربعاء 20-6-2012
ترجمة حنان علي

تستند جميع حروب اسرائيل على التضليل ،و تعتبر الأكاذيب الصكوك الشرعية لقيامها . منذ البداية حتى النهاية (إذا كان هناك أي نهاية حتى الآن) ما تزال الحروب التي تتبناها اسرائيل مجموعة من الافتراءات والخداع تسوغ من خلالها ضربتها الأولى .

اقتحم الجيش الاسرائيلي جنوب لبنان قبل ثلاثين عاماً ، وبدأت الحرب الأكثر غباء في تاريخ اسرائيل، واستمرت لمدة 18 عاماً و كانت حصيلة القتلى حوالي 1500 من الجنود الاسرائيليين وأعداداً لا تحصى من اللبنانيين والفلسطينيين.‏

و بدأت الأكاذيب بالاسم الرسمي لما يسمى ب: «عملية السلام في الجليل».‏

إن سألنا الإسرائيليين الآن ، سنجد 99.99٪ منهم يقولون بصدق: «لم يكن لدينا خيار. كانوا يطلقون صواريخ الكاتيوشا على الجليل من لبنان كل يوم و كان علينا وقفها «.كان التلفزيون الرسمي بجميع المنسقين فيه والمذيعات و المراقبين ، والوزراء السابقين يكررون هذا على مدار الأسبوع ،حتى صدَّق الجميع بما فيهم، الأشخاص البالغون في ذاك الوقت.‏

بينما الحقيقة البسيطة هي كما يلي : لمدة 11 شهرا قبل الحرب، لم تطلق رصاصة واحدة عبر الحدود مع لبنان. وكان وقف اطلاق النار بالقوة ، وحافظ الفلسطينيون في الجانب الآخر من الحدود عليه بكثير من الشك. و كانت مفاجأة للجميع، عندما نجح ياسر عرفات في فرضه على جميع الفصائل الفلسطينية الراديكالية، أيضا.‏

في نهاية شهر آيار، اجتمع وزير (الدفاع) الاسرائيلي ارييل شارون مع الكسندر هيج وزير الخارجية في العاصمة واشنطن. وتساءل عن الاتفاق الأميركي لغزو لبنان. وقال هيج ان الولايات المتحدة لا يمكن أن تسمح بذلك، إلا إذا كان هناك استفزاز واضح ومعترف بها دولياً.‏

وسرعان ما تم فبركة الاستفزاز، عبر الادعاء بمحاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في لندن وإلصاق التهمة بمنظمة أبو نضال.‏

وبردة فعل على ذلك قصفت اسرائيل بيروت ، و رد الفلسطينيون بإطلاق النار، كما هو متوقع طبعاً . و سمح رئيس الوزراء، مناحيم بيغن، لشارون حينها باجتياح الأراضي اللبنانية لما يصل إلى 40 كيلومترا، «لوضع مستوطنات الجليل بعيدا عن متناول صواريخ الكاتيوشا».‏

وعندما أكد أحد قادة المخابرات في اجتماع لمجلس الوزراء أن منظمة أبو نضال ليست عضوا في منظمة التحرير الفلسطينية، أجاب بيغن إجابته الشهيرة: «إنهم جميعا منظمة التحرير الفلسطينية».‏

كان الجنرال ماتي بيليد ، المساعد السياسي في ذلك الوقت، يعتقد اعتقادا راسخا أن أبا نضال قد تصرف بصفته وكيلا لشارون ، كما كان يعتقد كل الفلسطينيين على حد علمي .‏

لقد باتت كذبة : «إطلاق النار علينا كل يوم « غير قابلة للطعن في ذهن الجمهور، و لا طائل من تكذبيها في الوقت الحاضر. وكان هذا مثالاً لإلقاء الضوء على أسطورة إمكانية الاستيلاء على العقل العام، بما في ذلك الناس الذين رأوا بأم أعينهم أن العكس هو الصحيح.‏

قبل تسعة أشهر من الحرب، حدثني شارون عن خطته لشرق أوسط جديد. كنت أكتب مقالا مطولا عن سيرته الذاتية. وأعرب عن ثقته بنزاهتي الصحافية، حتى أنه أخبرني بخطته «خارج التسجيل»، وسمح لي بنشرها – بشرط عدم ذكر أنني نقلتها عنه . و هكذا فعلت.‏

كان لشارون مزيج عقلي خطير : عقل بدائي يحوي تاريخاً ناصعاً لليهود بلا أي شائبة ، وشغف قاتل «لمخططات التوسع « كان يحتقر كل السياسيين - بما في ذلك بيغن – على أنهم بعيدون عن الرؤية والخيال.‏

كان مخططه في المنطقة، كما قال لي بعد ذلك (وأنا الذي كنت نشرت قبل تسعة أشهر من الحرب)، كما يلي:‏

- مهاجمة لبنان وتنصيب ديكتاتوريخدم إسرائيل،‏

-طرد السوريين من لبنان‏

- طرد الفلسطينيين من لبنان إلى سورية، وبعد ذلك يتم دفعهم من قبل السوريين إلى الأردن.‏

-دفع الفلسطينيين للقيام بثورة في الأردن، وطرد الملك حسين وتحويل الأردن إلى دولة فلسطينية.‏

- إعداد الترتيبات الفنية التي بموجبها تقوم الدولة الفلسطينية (في الأردن) وتقاسم السلطة في الضفة الغربية مع إسرائيل.‏

بما أنه كان داهية و بقطب تفكير واحد ، أقنع شارون بيغن ببدء الحرب، وقال له: إن الهدف الوحيد هو دفع منظمة التحرير الفلسطينية إلى 40 كم الى الخلف. و بعدها عيّن بشير الجميل كديكتاتور في لبنان. ثم كان ارتكاب مجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا لترويع الفلسطينيين و دفعهم للفرار إلى سورية.‏

وكانت نتائج الحرب عكس توقعاته. فتم قتل البشير . و شقيقه، الذي كان قد انتخب بعد ذلك بواسطة البنادق الإسرائيلية، كان بشخصية ضعيفة. عزز السوريون سيطرتهم على الأحداث في لبنان. أما المجزرة الرهيبة لم تحث الفلسطينيين على الفرار. وظل الملك حسين على عرشه. والأردن لم تصبح دولة فلسطينية. وتم اجلاء عرفات ورجاله المسلحين إلى تونس، وتم الاعتراف به بأنه «الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني»، وعاد في نهاية المطاف إلى فلسطين.‏

أخفقت الخطة العسكرية منذ البداية، وما يزال الاحتفال بانتصار عسكري مجيد يُقام في اسرائيل ، ولم يتم استخلاص الدروس العسكرية منها ، فقامت بعد 24 سنة حرب لبنان الثانية ، وكانت كارثة عسكرية أكبر.‏

والحقيقة الواضحة : أنه في عام 1982، لم تصل و لا وحدة من الجيش الاسرائيلي إلى هدفها بشيء ،أعاقت المقاومة الفلسطينية الجيش في صيدا ، وعندما تم اعلان وقف اطلاق النار. كانت بيروت لا تزال بعيدة المنال، دمرها شارون فحسب ، و عندها فقط نجحت قواته في تطويق المدينة ودخول الجزء الشرقي منها.‏

خلافا لتعهده لبيغن ، هاجم شارون الجيش السوري من أجل الوصول ، وقطع الطريق بين بيروت ودمشق.لكن الوحدات الاسرائيلية لم تتمكن من الوصول إلى الطريق الحيوي، وعانت بدلا من ذلك هزيمة مدوية في السلطان يعقوب.‏

عندما دخل الجيش الاسرائيلي منطقة جنوب لبنان ، بدأت حرب العصابات، والتي لم يكن الجيش الاسرائيلي مستعدا لها تماما. و سرعان ما تحول سكان الجنوب إلى أسود . وقررت الحكومة الاسرائيلية في سبيل مواجهة هؤلاء المقاتلين ، مغادرة بيروت وجزء كبير من جنوب لبنان، للاحتفاظ بـ «منطقة أمنية»، أصبحت فيما بعد ساحة قتال لحرب العصابات. وكانت بداية ل «حزب الله « الذي أصبح في نهاية المطاف القوة الرئيسية السياسية والعسكرية في لبنان. و أملاً في إيقافه ، اغتالت اسرائيل قائده ، عباس الموسوي، الذي تم استبداله فورا برئيس أكثر ذكاء و اتساعاً : حسن نصر الله .‏

إذا كتب لشارون أن يستيقظ من غيبوبته بعد أن كان له الكثير من التأثير على مدى السنوات الماضية، سوف يُصدم لنتائج الحرب على لبنان و المستمرة حتى الآن والتي لم يك ليتوقعها أبداً .‏

في النهاية :أي أحمق يمكنه أن يبدأ بالحرب، لذلك نحتاج بشدة إلى حكماء يمنعون هؤلاء الحمقى من إطلاق الرصاصة الأولى .‏

أوري أفنيري : كاتب إسرائيلي وناشط سلام مع غوش شالوم. وهو أحد المساهمين في الكتاب كاونتر هي السياسة من معاداة السامية.‏

 بقلم : أوري أفنيري‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية