تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كم قتلنا في العراق وأفغانستان باسم محاربة الإرهاب ؟

عن موقع : Le grand soir
ترجمة
الأربعاء 20-6-2012
ترجمة سراب الأسمر

صرح جنرال الأمم المتحدة توني فرانكس في بداية الحرب ضد الإرهاب «نحن لا نحصي عدد القتلى».

بالتأكيد كان يتحدث عن القتلى الأفغان. فواقع حفر أسماء ضحايا 11 ايلول على الشواهد حسب الأصول منحت ضحايا المدنيين خصوصية لا نشهدها عادة حين يتعلق الأمر بضحايا مدنيين قتلوا بيد قوات الأمم المتحدة أو حلف الناتو. فمنذ بداية «الحرب ضد الإرهاب» وحتى الآن لم تنشر أي دراسة متقصية حول عدد المفقودين، أي منذ أحدعشر عاما تم غزو واحتلال دولتين بالإضافة إلى قصف ثلاث دول أخرى. كما أن حدوث حرب بهذا الحجم الواسع والتستر على «عدد القتلى الآخرين» يكشف أسلوب الدول التي قادتها وكيفية تقديرها للخسائر، فإذا كانت سياستها عدم إحصاء الخسائر هذا يعني أن القتلى، المشوهين والمفقودين والمرحلين من غير عناصر الأمم المتحدة وحلف الناتو لا يشكلون شيئا من المعادلة. وواقع عدم توجيه العامة بأصابع الاتهام إلى هذه السياسة يكشف عن تقارب مقلق بالرأي تجاه «الآخرين». مع ذلك تحاول منظمة الأمم المتحدة وبعض المنظمات الأخرى غير الحكومية عرض بعض الإحصاءات، هذا وقد بدأنا نلمس نتائج مدمرة لهذه الحروب فيما يخص المعوقات الرسمية والتجاهل الشعبي.‏

بداية، أشارت الدراسات الخاصة بأفغانستان حول اجتياح عام 2001 إلى مقتل 4000 إلى 8000 مدني أثناء العمليات العسكرية إلا أنه لا يوجد أية أرقام بخصوص أعوام 2003-2005 لكن أحصت منظمة حقوق الإنسان مقتل أقل من 1000 مدني خلال المعارك التي جرت عام 2006، هذا وقدرت بعثة مؤازرة الأمم المتحدة في أفغانستان عدد القتلى من غير المحاربين بالفترة الواقعة بين عام 2007 وتموز 2011 بـ 10292 قتيلاً، وهذه الأرقام لا تشمل القتلى غير المباشرين ولاالجرحى. ولكن حصلنا على عدد للقتلى غير المباشرين بفضل مقالة نشرتها صحيفة الغارديان والعدد على الأقل عشرين ألفاً بسبب الترحال السكاني والمجاعة التي تسبب بها توقف التموين الغذائي، وحسب منظمة العفو الدولية لقد اضطر 250 ألف شخص للهجرة إلى دول أخرى عام 2001 كما اضطر 500 ألف آخرين للانتقال داخل البلاد منذ ذلك الحين.‏

وبالانتقال إلى العراق: فقد قتل بحدود 115 ألف مدني خلال الاشتباكات بين عامي 2003 وآب 2011 حسب منظمة «Iraq Body Count». أما حسب دراسة الصحة العائلية في العراق ومنظمة الصحة العالمية فقد وصل عدد القتلى إلى 150 ألفاً خلال السنوات الثلاث الأولى للاحتلال. وإذا أضفنا إلى هؤلاء عدد القتلى غير المباشرين حسب تقرير لانسيت فقد وصل العدد إلى 600 ألف قتيل في تلك الفترة. أما حسب Opinion research business هناك مليون حالة قتل عنيفة تم تسجيلها حتى منتصف عام 2007. والأكثر من ذلك فقد أحصى المجلس الأعلى للأمم المتحدة المهتم بشؤون اللاجئين عدد الذين تهجروا خارج العراق بمليوني نسمة فيما تهجر بين المدن العراقية مليونا نسمة أيضا. وبذلك لا يوجد عدد دقيق حول عدد القتلى غير المباشر ولا الجرحى لكن انهيار النظام الصحي العراقي والبنى التحتية عامة تشير إلى مأساوية العدد. بالإضافة إلى هاتين الدولتين الرازحتين تحت وطأة الاحتلال فقد اتسعت رقعة «الحرب ضد الإرهاب» لتطال عدداً من الدول المجاورة مثل باكستان، اليمن، والصومال. وأول الأسلحة التي استخدمت في تلك المناطق كانت الطائرات دون طيار التابعة للأمم المتحدة ومجموعات العمليات الخاصة، وعناصر مخابرات وقوات مسلحة. وإذا أخذنا بالطبيعة القضائية ومخالفات قانون المسارح العملياتية نجد أنه من الصعب إحصاء الخسائر بغياب المعطيات المستقلة.‏

في الحقيقة، نحن نواجه نفس المشكلة في أفغانستان والعراق على حد سواء أيضا كل العالم يوافق بالقول أن عدد الطائرات دون طيار المستخدمة ضد اليمن باكستان والصومال في تزايد مستمر. واليوم حسب مكتب التحقيقات الصحفية تعرضت الباكستان بين عام 2004 وحزيران 2012 لـ 357 ضربة على الأقل وقتل 2464 شخصا من بينهم 484 مدنيا بمن في ذلك الأطفال. كما تضيف الواشنطن بوست إلى هذا العدد 38 ضربة أيضا تسببت بمقتل 241 نسمة في اليمن من بينهم 56 مدنيا، بالنسبة للصومال ليست لدينا أي أعداد إلا أن نيويورك تايمز أكدت أن هذا الشكل من العمليات تتعرض له البلاد منذ عام 2007.‏

سيرد البعض بسرعة بقولهم أن الكثير من الأرقام المذكورة في هذا المقال بصدد القتلى المدنيين غير صحيحة.‏

أثناء القصف «بطائرات دون طيار» كيف تم التمييز بين المدنيين والمقاتلين حين أصبح قتلة هؤلاء الآخرين قضاتهم؟ في الحقيقة، حتى وإن أخذنا بحسباننا هذه الاحتياطات، فإن هذه الهجومات التي شنتها الأمم المتحدة تسببت بأكبر عدد من عمليات «القتل الجماعية» في التاريخ. والأكثر من ذلك التعبير الذي استخدمه أحد ممثلي بعثة مؤازرة الأمم المتحدة في أفغانستان بصدد دراستها «حين نشك أن قتيلا أو أكثر ليس من المقاتلين فلا نحصيهم مع قائمة المقاتلين المدنيين، وهكذا من المحتمل جدا أن يكون عدد الضحايا لاقيمة له». في الواقع جميع الذين يقومون بدراسات كهذه يعترفون بمواجهة مشكلات من هذا النوع. إذا حاولنا جمع هذه المعطيات المبعثرة يمكننا التوصل إلى أقل تقدير 140 ألف ضحية من المدنيين لا ينتمون إلى الأمم المتحدة أو حلف الناتو. وببساطة إلى أقصى حد مليون ومئة ألف مما يعني 14 ألفاً إلى 110 آلاف قتيل سنويا. ولمزيد من المعلومات لا بد من التذكير أن Blitz النازي أدى إلى مقتل 40 ألف مدني أثناء الحرب العالمية الثانية على انكلترا. ونذكر هنا أنه لم يتم إحصاء جميع الضحايا بدءا من عام 2003 وحتى يومنا هذا. كما لم نحص هنا عدد الجرحى واليتامى والأشخاص الذين جردوا من حقوقهم والذين عذبوا في سجون عامة وخاصة في العالم أجمع، وأخيرا أمام ملايين الأشخاص الذين ارتحلوا في أفغانستان، العراق، باكستان وغيرها من الدول.‏

 بقلم: ريزا بيربهاي ‏

 متخصص في تاريخ جنوب آسيا بجامعة ولاية لويزيانا‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية