|
|
جهاد سعد .. طروسي حنا مينة مشاكسات ذلك الفنان الذي لديه ارتباط عضوي بالتمثيل ، القابض على أدواته التعبيرية الذي يؤنسن الكلام المكتوب ويحوله إلى لحم ودم وإحساس وحركة .. ذلك الممثل هو من يستطيع العبور إلى شاطئ الأمان عبر أي شخصية يمكن أن يؤديها دون أن يستسلم لإغوائها ، فيقودها عوضاً من أن تقوده وتغرقه في بحرها ، يعمل على امساكها بشكل صحيح متناسب ومنسجم مع الإطار العام للعمل .. هذا ما فعله الفنان جهاد سعد لدى تقديمه شخصية الطروسي البطل الشعبي في فيلم (الشراع والعاصفة) المأخوذ عن رواية تحمل الاسم نفسه للأديب الكبير حنا مينة وهو من إخراج غسان شميط ، سيناريو وحوار وفيق يوسف وغسان شميط وإنتاج المؤسسة العامة للسينما . إنه البطل الشعبي الإنسان ، الذي استطاع الخروج به من الإطار المقولب الذي أُسِر فيه تلفزيونياً ، ليحلّق به بعيداً مقدماً نموذجاً آخر من الاداء ، متكئاً على رواية غنية في عوالمها وتحت قيادة مخرج عمل على إغناء الصورة في فيلمه . ويمكن القول إن (سعد) فهم فلسفة الشخصية التي تميزت بالشعبية والبساطة فعبّر عنها بروحه ، وبمعنى آخر .. لقد عاش الطروسي . مما لا شك فيه أن تقديم حكاية بطل شعبي عبر عمل سينمائي هي مغامرة على أكثر من صعيد ، فعادة مثل هذه الشخصيات اعتدنا على مشاهدتها في مسلسلات درامية تحوي من الثرثرة والمبالغة الكثير ، إلا أننا نراها هنا شخصية مختزلة تنوس بين الشهامة والقوة وإغاثة الملهوف وبين العاطفة الجياشة التي تظهر بأرق صورها أمام نظرة الحبيب .. وعادة الأدوار التي تعتمد على أصل أدبي تحمّل الممثل عبئاً ومسؤولية من جهة وتقدم له مفاتيح وعوالم غنية من جهة أخرى ، فإن تحّول شخصية روائية راسخة في خيال القارئ إلى شخصية مُجسدة على الشاشة لهو أمر يحتاج إلى الكثير من الدقة والحذر ، فهي شخصيات دخلت الوجدان وباتت واحدة من عناصر الذاكرة لدى المتلقي .
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
