تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


سجون طائرة.. وعائمة أيضاً!

شؤون سياسية
الأربعاء 25/6/2008
أحمد برغل

فضائح إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش والمحافظين الجدد تتوالى فصولاً,فبعد فضيحة غوانتانامو,وفضيحة سجن أبو غريب,والسجون الطائرة,تأتي فضيحة السجون العائمة,

وهذا الإنجاز الجديد من سلسلة الإنجازات الإنسانية الأميركية كشفت عنه صحيفة (الغارديان)البريطانية,حيث تم استخدام 17 سفينة كمعتقلات لحوالي 200 سجين حول جزيرة دييغوغار سياخ المحيط الهندي.‏

ما كشفته صحيفة الغارديان عن السجون العائمة,ليس بغريب على سياسة ومنهج إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش,فهي فضيحة جديدة مكملة لفضيحة السجون الطائرة الأميركية الشهيرة,وهي طائرات تابعة لاستخبارات أميركية تجوب العالم,وعلى متنها سجناء ومعتقلون,تنتهك فيها حقوق الإنسان باسم الديمقراطية,ويتم بعد ذلك توزيعهم على مناطق مختلفة في العالم لتعذيبهم بمعزل عن أية مساءلة أو حساب أو قانون,فكانت هذه الطائرات تنتهك سيادة وأجواء الكثير من الدول في محطات الهبوط أو العبور من دون إبلاغ هذه الدول بمحتوى حمولة الطائرات.‏

أما عن جرائم التعذيب الأميركية فحدث ولا حرج ,فتحت عنوان (جلسات التعذيب) نشرت صحيفة (نيويورك تايمز) مقالاً مثيراً أساليب وأنواع التعذيب التي يقوم بها الجنود وضباط المخابرات للسجناء من العرب والمسلمين في حملة ما يسمى الحرب على الإرهاب التي أعلنها بوش في العام 2001 .‏

ومنذ ذلك التاريخ وشبكة السجون الأميركية الممتدة في عدد من البلدان الحليفة للولايات تمارس أبشع صفوف التعذيب ما خطر,وما لم يخطر على بال بشر.‏

هذه الجرائم فضحت السياسة الخارجية الأميركية,وأظهرت التناقض في كل تصريحاتها,وكذبت ما تدعيه من تطبيق للعدالة والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في شتى أنحاء العالم.‏

ما كشفت عنه الصحافة ووسائل الإعلام من ممارسات يندى لها جبين البشرية في سجن أبو غريب,ومعتقلت غوانتانامو يشكل وصمة عار لمدعي الحضارة والقيم الأخلاقية الذين نصبوا أنفسهم قضاة للعالم ووجهوا الاتهامات كما يرغبون للدول الأخرى بانتهاك حقوق الإنسان وممارسة التمييز,ووصمهم بالإرهاب والفشل وما إلى هنالك من أوصاف لا تنطبق في واقع الأمر,وكما تدل الممارسات اليومية إلا على الولايات المتحدة,فهي سيدة الارهاب وأمه وأبيه.‏

تحت عنوان (أين هو الغضب الأميركي حول التعذيب?) ينتقد روبرت شير في صحيفة (ذي نيشن) الأميركية اللامبالاة حول مسائل التعذيب,متسائلاً:هل نحن الأميركيين متوحشين حقاً,أم فقط نحن نصم آذاننا حين يتعلق الأمر بقضايا الأخلاق ,وتبعاً لذلك نحن مذنبون باللامبالاة أكثر مما نحن متهمون بالفساد?‏

إنه سؤال يتطلب إجابة في سياق الرد عن التقرير المفصل حول اشتراك الولايات المتحدة في جريمة التعذيب,والذي نشره مؤخراً المفتش العام في وزارة الدفاع الأميركية.‏

وفي هذا المقال يثني شير على مواقف عدد من المسؤولين عن تطبيق القانون,معظمهم من وكالة التحقيقات الفيدرالية,الذين روعهم ما شاهدوه,كجزء من ممارستهم الرسمية اليومية من تعامل الولايات المتحدة مع المسجونين في أفغانستان والعراق وغوانتانامو, إلى حد أنهم خاطروا بمسيرتهم المهنية في سبيل التقدم باتهامات رسمية ..بضع نفوس شجاعة من وكالة التحقيقات الفيدرالية قاموا بجمع (ملف جرائم الحرب) واقترحوا ما لم نفكر به,وهو أننا ربما نصبح عرضة لأن يحكم علينا بأننا مذنبون طبقاً للقواعد التي قمنا بفرضها على الآخرين ويصل شير إلى النتيجة القائلة بأن هذا التعذيب المنظم لم يكن يتم فقط على يد مجموعة وصفت بأنها (تفاحات فاسدة) بل كان يمثل سياسة رسمية أجيزت على أعلى المستويات من الحكومة.‏

ما يقوم به المحققون الأميركيون في السجون والمعتقلات العديدة,ليس تصرفات عشوائية كما يدعي المسؤولون في وزارة الدفاع والعدل والبيت الأبيض الذين يبررون ويقرون الإساءة للمساجين وإذلالهم وتعذيبهم, بل هي سلوك منظم للمحققين المدنيين والعسكريين الذين كانوا يتبعون أوامر محددة صادرة من مسؤولين كبار.‏

وفي تقرير المفتش العام يكشف النقاب عن أحد المسؤولين الكبار كمؤيد لسياسة التعذيب وهي هنا كوندوليزا رايس,التي وضمن صلاحياتها كمستشار للأمن القومي في البيت الأبيض,بددت مخاوف جون أشكروفت,الذي كان حينها يشغل منصب المدعي العام,فيما يتعلق بمقاييس التحقيق القاسية التي كانت مطبقة.‏

رايس وتبعاً لتقرير بثه تلفزيون (أيه بي سي)في نيسان الماضي,ترأست في العام 2002 الاجتماعات العالية المستوى في البيت الأبيض,هي التي وضعت اللمسة الأخيرة على ملف وكالة الاستخبارات الأميركية حول معاملة السجناء..وما إذا كان يجب صفعهم أو دفعهم بقسوة أو منعهم من النوم,أو الإغراق الزائف,وتبعاً للتقرير,فإن رايس دعمت بشدة استخدام الإغراق الوهمي.لا شك أن تعذيب السجناء في المعتقلات الأميركية هو خرق فاضح لمعاهدة جنيف وللقوانين المناهضة للتعذيب,وخاصة أن غالبية الذين تعرضوا للتعذيب حسب تقارير الوكالات المدنية كالصليب الأحمر,وهيئات التحقيق الأميركية الرسمية هم أبرياء,ولكن من يحاسب الولايات المتحدة التي نصبت نفسها قاضياً على العالم?‏

ما ترتكبه واشنطن في سجون ماتسميه (محاربة الارهاب)أقل ما يجب أن يقال عنها إنها »جرائم حرب) في حق الإنسانية, ولكن هذه الجرائم هي استراتيجية أميركية ثابتة وواضحة ولا تحتاج إلى دليل,والشواهد على ذلك كثيرة.‏

إن الكشف عن »السجون العائمة) بعد »السجون الطائرة) وجرائم أبو غريب وغوانتانامو ,والجرائم التي ارتكبت في العراق وراح ضحيتها مئات الآلاف يمثل صفحات سوداء في التاريخ الأميركي,ويفتقد هذا البلد أي دور يمكن أن يلعبه على صعيد حماية حقوق الإنسان والحديث عن الحرية والديمقراطية,لأن ما تمارسه إدارة بوش يتعارض مع الشرعية الدولية وشرعنة حقوق الإنسان ومواثيق الأمم المتحدة والقيم والأخلاق الإنسانية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية