ويستطيع المتتبع المحايد للسياسة التي اعتمدتها تلك المجموعة على مدى هذه الفترة من تقييم نتائج ومنعكسات القرارات التي اتخذتها تلك الإدارة العرجاء في مجال السياسة الخارجية, وما تخللها من حروب ومآس طالت أغلب شعوب العالم بما فيها الشعب الأميركي ذاته, ويمكنه أن يطلق على تلك الحقبة بعصر الإرهاب بامتياز على الرغم من إدعاءات الرئيس بوش المتكررة في كل خطاباته بأن محاربة ونشر الديمقراطية هي أهدافه وتحتل أولويات سياسته الخارجية.
لكن تلك العبارات المطاطة التي يستخدمها باستمرار تأتي في غير مكانها وغير زمانها وقد أعطت الممارسات نتائج معاكسة تماماً لمعاني تلك الشعارات, حيث ساهمت السياسة الأميركية بشكل مباشر في دعم الإرهاب الدولي المنظم ممثلاً بممارسات الجنود الأميركان بالدرجة الأولى قبل الآخرين كما حصل في العراق وأفغانستان وغيرهما من الأماكن التي وصلت إليها يد التخريب الأميركية, وإن ما حدث في السجون العراقية في أبي غريب وبقية ا لسجون الأخرى وفي معتقل غوانتنامو وغيرها من السجون السرية المحمولة جواً أو بحراً ما هو إلا صورة واضحة عن أعمال إرهابية وعدوانية ضد الإنسان والإنسانية, وما الدعم غير المحدود الذي تقدمه الإدارة الأميركية للكيان الصهيوني الغاصب ولسياسة العزل والتجويع التي تمارسها (إسرائيل) ضد الشعب الفلسطيني الأعزل ومنع الغذاء والدواء عن الأطفال والنساء والشيوخ في غزة إلا حلقة من حلقات رعاية الإرهاب الدولي من قبل تلك الإدارة الغبية التي ترفض بأي شكل وضع تعريف محدد للإرهاب وتقف عائقاً أمام وصف ثابت له ولأشكاله وتطالب بحشد كافة الطاقات الدولية للقضاء على تلك الآفة التي تلتهم الشعوب وخاصة الفقيرة على مبدأ (حق يراد به باطل) ولاسيما أن الأعمال الإرهابية تمنع المجتمعات من القيام بتطوير ذاتها وتنمية مواردها التي هي بأمس الحاجة إليها, ليبقى تعريف الإرهاب محصوراً في الشكل والمضمون على مقاس الرؤية الأميركية التي نصبت نفسها شرطي العالم الوحيد الذي يحق له معالجة القضايا الدولية وعلى رأسها قضية الإرهاب, لكي تمتلك أميركا وحدها حق تغيير وتبديل مفهوم الإرهاب حسب نظرتها الخاصة وبالطريقة التي تخدم تنفيذ المخططات الاستعمارية المعادية للعرب على وجه الخصوص وللمسلمين عموماً تحت ذريعة أن من يعارض السياسة الأميركية التسلطية هو مع الإرهاب, حيث عمدت الإدارة الأميركية من خلال تلك السياسة إلى تقسيم العالم إلى محاور ومناطق ودول, اتهمت هذه برعاية الإرهاب وإيوائه لمجرد معارضتها للسياسة الأميركية المعادية لشعوب العالم الآخر ولحضارته.
وتأتي زيارة الوزيرة الأميركية ليس لدعم المفاوض الفلسطيني أو تذليل الصعوبات التي تواجه العملية التفاوضية بل لصب الزيت على النار ومنع حصول أي تقارب ما بين الفلسطينيين فيما بينهم, بينما الرئيس الأميركي جورج بوش في أوروبا يعمل على تقويض المبادرات السلمية ويصر على نفس الآلية وذات الأسلوب في إطلاق التحذيرات المعادية للحركات المقاومة في المنطقة من حماس إلى الجهاد في فلسطين وحزب الله في لبنان ويوجه الاتهامات للدولة الداعمة لها, في الوقت الذي أثبت فيه أنه لا مجال لتحقيق أي سلام عادل بدون التفاوض مع تلك الحركات التي وحدها تستطيع قبول السلام أو رفضه, وإن مقاومتها للمحتل هو حق مقدس لايستطيع أي كان انتزاعه منها بالقوة أو تجاهل وجودها بالمطلق.
Email:m.a.mustafaGmail.sy