فهي تساهم في تشكيل العملية التربوية التعليمية ولكن المعلم لا يمكنه إدراك أبعاد نفسية الطفل وهواياته واهتماماته وهمومه لأنه لا يمكنه الدخول إلى عالمه والتمكن من فهم شخصيته وإمكانياته العقلية والمعرفية وطريقة تفكيره ونظرته إلى الحياة ولقد أصبحت وسائل الإعلام حقلا ثقافيا قادرا على خلق عالم مواز لعالم الطفل يستمد منه الأطفال المضامين الثقافية والأدبية ولقد باتت الحاجة ملحة لتعميق التربية الثقافية لدى الطفل وخاصة في ظل سيطرة برامج المعلومات حيث باتت قضية التربية الثقافية هي الأساس لتنمية ثقافة الطفل العربي وذلك لتحقيق التكامل بين التعليم والثقافة والإعلام في مجالات أدب الأطفال .
وترى الباحثة سليمى محجوب في دراسة لها أن ثقافة الطفل هي عامل من عوامل تكوين شخصيته وينبغي أن تهدف إلى غرس القيم الأخلاقية والإنسانية الرفيعة وتوافر المجالات التي تجعل طاقاته الكامنة قادرة على النمو والازدهار والعمل على إذكاء روح الخلق والإبداع .
أهمية الثقافة الاجتماعية
لقد اقتربت الثقافة في مفهومها الاجتماعي إلى حد الاندماج من مفهوم الحضارة حتى أن بعضهم جعلها مرادفة للحضارة وعرفت الثقافة بأنها مجمل ما يقدمه المجتمع لأبنائه من عادات وقيم وأساليب سلوك وتوجهات وأدوار وتقنيات يتعلمونها ويتكيفون معها وتبرز أهمية الثقافة في حياة الطفل من خلال دورها كموحد وموجه للأطفال عبر فعاليات التنشئة الاجتماعية وغيرها ليستوعب الطفل مضامين الثقافة في تراكيبها اللغوية التي تلتزم بها جميع المؤسسات والأجهزة الثقافية فيصبح الجميع متشابهين إلى أبعد حد فيما يطورونه عن موروث ثقافي رجعي يشتركون فيه ويحققونه بموجب التواصل والانسجام والانتماء .
تحدد هويته
إن أهم وظيفة للثقافة في حياة الطفل هي العلاقة الوطيدة والتي تساهم في تشكيل الشخصية وتحديد ملامح الهوية ومدى الانتماء إلى الأمة ذات الإرث الثقافي العريق وتعد ثقافة الطفل ذات خصوصية من خلال التقاطع بين هو أصيل وبين ما هو معاصر والطفل في نموه الاجتماعي وإدراكه لثقافة مجتمعه يمر بعملية غربلة بين الثقافة الأصيلة والوافدة والعلاقات الاجتماعية الحميمة وغير الحميمة ويبرز هنا دور وساط تثقيف متعددة بعضها ايجابي وبعضها سلبي وبذلك يتم تراكم المخزون المعرفي الثقافي للطفل وهذا ما يحدث نتيجة زحف الثقافة العالمية التي تنتشر وتسود على حساب الثقافات الأخرى ومن هنا جاء الاهتمام للتصدي لهذا التيار الجارف فقد اعتبرت هذه القضية أمانة ومسؤولية لذا تم التركيز على بذل الجهود لدعم ثقافة الطفل باعتبارها قضية مصيرية أو نقطة انطلاق للتطور وخير ضمان لإرساء الريادة الفكرية في بناء المستقبل الزاهر ومنها أيضا انتهاج سياسة محكمة ومتكاملة في مختلف مجالات تثقيف الطفل تلتزم بها جميع المؤسسات والأجهزة الثقافية بغية ترسيخ ثقافة عربية أصيلة تساهم بترميم ثقافة الطفل وتحميها من التشويش والتناقض والتغريب الذي يتسلل إليها في غياب رؤية ثقافية عربية واضحة تنسجم مع أصولنا الثقافية العريقة من جهة وتتماشى مع العصر الحاضر وما يتطلبه من معطيات جديدة من جهة أخرى .
وأمتنا العربية بشكل عام وبلدنا الحبيب سورية بشكل خاص يواجهون هجوماً عاتيا يهدف إلى طمس هويتنا العريقة وزعزعة ثقة أبنائنا بأنفسهم وبحضارتهم لذا لابد من مواجهة هذا التيار الجارف والمخطط له عالميا بكل ما أوتينا من قوة وذلك من خلال مضاعفة الجهود للعناية بأطفالنا من حيث التنشئة والتربية والتثقيف.