وتضمن رحلاته إلى العالم، ومن بينها رحلة إلى برلين في آب عام 1936، وعن هذه الرحلة والمتحف يتحدث قائلاً: قبل وصولنا برلين علمنا أن فيها متحفاً جمع الآثار التي اكتشفها العالم الألماني البارون فون اوبنهايم في شمالي سورية والمعروف باسم تل حلف.
وبين خطوة وخطوة كنا نرى اسم حلب، معلقاً على الكثير من الاثار التي قسمت بين متحف البارون ومتحف حلب ذلك أن متحف البارون اختص ببعض القطع الأصلية وترك صوراً عنها في متحف حلب، كما أن متحف حلب احتفظ بقسم من القطع الأصلية وترك لمتحف البارون صوراً عنها، وتلك الصور مصنوعة من مادة يصعب إلا على الاختصاصين تمييزها عن الأصلية.
وكان البارون قد استحصل منذ أربعين عاماً على امتياز من الحكومة العثمانية للتنقيب في شمال سورية فجاء ببعثة علمية كبيرة وقضى سنوات طويلة يبحث في بطون الأرض حتى اكتشف آثار مدينة قديمة العهد ونقل منها ما استطاع إلى برلين وبعد انتهاء الحرب العالمية عاد إلى مهمته في تل حلف واتفق مع متحف حلب على اقتسام الآثار وفقاً لشروط الامتياز ومن ثم عاد إلى برلين مع قافلة ثانية من التحف الثمينة.
وكان البارون يكلمنا باللغة العربية ويحسنها قراءة وكتابة ويحسن اللغة العامية.
وفي داره ببرلين أنشأ متحفاً أخر للملابس الشرقية يضم ألفي قطعة من الملابس الوطنية التي يلبسها الرجال والنساء في سورية ومصر والعراق والمغرب.
وفي أحد غرف داره غرفة لا مثيل لها إلا في أضخم قصور دمشق وقد جلب من عاصمة الأمويين أثاث هذه الغرفة ورياشها وأخشابها ومقاعدها وأقمشتها وسجادها وقناديلها.
وتضم مكتبته أكثر من أربعين ألف مجلد في لغات مختلفة ومعظمها يبحث في التاريخ وعلم الآثار.
وللبارون مؤلفات عديدة منها كتاب ضخم عن الآثار التي اكتشفها في سورية الشمالية وقد ترجم هذا الكتاب إلى اللغة الانكليزية.
بقي أن نقول: إن البارون فون اوبنهايم وهب للحكومة الألمانية بموجب صك رسمي مسجل لدى الكاتب بالعدل المتحف الذي عني بإنشائه وجمعه ومكتبته الثمينة ومجموعة الملابس الشرقية التي تعد من أنفس التحف.
وفي نهاية الزيارة سجل المحامي فتح الله الصقال في سجل الامضاءات : يحق لثلاثة أن تفاخر بالبارون أوبنهايم لما امتاز به:
- العلوم الأثرية وقد أضاف إليها صفحة جليلة.
- وألمانيا وقد عمل على إنماء يكشف عن مجدها الغابر.
أفلا يحق لسورية أن تعتبره من أبنائها البررة؟
كان هذا قبل سبعين عاماً ونيف، ترى ماذا حلّ بهذا المتحف ومقتنياته، أين وزعت؟ هل تسعى المديرية العامة للآثار، والمتاحف لدينا لمعرفة شيء حول الآثار ومصيرها استناداً إلى ما كتبه الصقال ؟ نأمل أن يتحركوا.