تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أفغانستان..سياسة أميركية قديمة بحلة جديدة !

شؤون سياسية
الجمعة 30-4-2010م
غالب حسن محمد

منذ بدء المرحلة مع بداية الغزو الأمريكي لأفغانستان يتضح لنا تلخيص واضح وافٍ لحالة طالما كان الفكر السياسي في الغرب والشرق

يطلق على مثيلاتها تعبير «علاقة استعمارية» بل إن علاقة أفغانستان مع الغرب كما شرحتها كتب التاريخ والسجلات البريطانية كانت نموذجاً بامتياز لحالة استعمارية تقليدية.‏

يكتب مثلاً باتريك كوبيرن قبل أيام في صحيفة «الغارديان» البريطانية عن مسيرة الولايات المتحدة الأمريكية العسكرية في أفغانستان، فيتنبأ لها بهزيمة حتمية استناداً إلى تاريخ أفغانستان مع القوى العظمى.‏

يقول: إنه في عام 330 قبل الميلاد انسحب الاسكندر المقدوني من أفغانستان مهزوماً، وفي عام 1842 انسحبت قوات الملكة فكتوريا من أفغانستان منهزمة، وفي عام 1988 انسحبت القوات السوفييتية من أفغانستان منهزمة، كل من هذه القوى التي جاءت وانهزمت كان لها تبريرها الخاص ولم تستخدم أي منها كلمة الاستعمار هدفاً أو سبباً لغزوها لأفغانستان، وأمريكا ليست شذوذاً عن القاعدة حتى بعد أن مر على وجودها مدة أطول في تلك البلاد، أطول من المدة التي قضاها السوفييت من دون استثناء، تدخلت في أفغانستان فتورطت ثم زادت في عدد قواتها وعددها وصعّدت عنفها لتغطي على انسحابها مهزومة.‏

يقول قرضاي لزواره الأفغان: إن مصالح بلاده لم تعد تتلاقى مع مصالح أمريكا، وقال لضيوف على وليمة غداء في قصره: إن الأمريكيين في بلدنا يريدون فرض الهيمنة علينا وعلى المنطقة بأسرها.‏

عندما غضب الأمريكيون من حليفهم بعثوا إليه برسالة علنية يؤجلون فيها موعد زيارة رسمية كان يزمع القيام بها لواشنطن وجاء رده لا يقل غيظاً، إذ وجه الدعوة لخصم أمريكا اللدود محمود أحمدي نجاد الرئيس الإيراني ليزور أفغانستان زيارة رسمية ومن القصر الرئاسي في كابول ألقى نجاد خطبة قوية دان فيها الوجود الأمريكي والتدخل في شؤون دول وسط آسيا.‏

رئيس بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان يصف قرضاي بأنه رجل فقد توازنه.‏

آخرون في القيادة العسكرية والسياسية لحلف الناتو يصفونه بأنه سريع الغضب وعاطفي جداً، وأعتقد بأن الرجل يحسب حساباته جيداً ويعرف تماماً ما يريد وما يستطيع أن يحققه لنفسه ولعائلته أولاً ولجماعته الإثنية، أي قبائل الباشتون ثانياً وأفغانستان ثالثاً.‏

في شباط من عام 1989 ذهب ادوار شيفارد نادزة إلى إسلام آباد ليقنع القيادة الباكستانية في تلك الحقبة بالموافقة على اقتراح بإقامة شراكة في الحكم في كابول بين النظام الشيوعي والمجاهدين الأفغان الذين يحاربون القوات السوفييتية.‏

كان الهدف المعلن منع نشوب حرب أهلية بعد رحيل قوات بلاده ولم يفلح في ذلك وانتهى الحكم الشيوعي بنشوب حرب أهلية.‏

كتب مفكرون باكستانيون عن تلك الأيام مرددين حجم الخسارة التي تكبدتها، وما زالت تتكبدها باكستان وأفغانستان والغرب عامة وأمريكا خاصة نتيجة رفض المخابرات الباكستانية والأمريكية لاقتراح شيفارد نادزة يقول أحدهم: لو وافقت بوتو وأجهزة مخابراتها على الاقتراح لما نشبت الحرب الأهلية الأفغانية ولا دمرت كابول ولا صعدت طالبان ولا جاءت «القاعدة» ولما وقع انفجار برجي التجارة في نيويورك، ولا جاءت أمريكا تغزو أفغانستان وتتورط فيها وتقف بعد عشر سنوات عاجزة عن إيجاد مخرج مشرف لا يكشف حجم هزيمتها وفشل مشروعها الآسيوي الإسلامي.‏

الكل يعرف هذه التفاصيل ويعرف أيضاً أن البديل لما هم فيه بديل أسوأ بكثير.‏

يعترف قائد قوات الناتو في أفغانستان بوجود حكومة ظل لطالبان في أغلب المقاطعات الأفغانية ويضيف إن طالبان هم الأقوى حالياً.‏

من الواضح أن أمريكا بدأت تنفذ مع قرضاي سياسة سبق أن نفذتها في الفلبين وتنفذها في كثير من الدول في المنطقة وغيرها حالياً.‏

المؤكد أن الجيش الأمريكي ينتقل بعد نجاحاته في هلمند إلى مرحلة «بناء الأمة» بعد أن خصصت الحكومة الأمريكية وحكومات الاتحاد الأوروبي الأموال الطائلة لإعمار مناطق شديدة الفقر والتخلف، وهي مرحلة ما يسميها الخبراء في أمريكا مرحلة جني ثمار «النجاح الكارثي» حين تتورط أمريكا في عملية بناء أمة بكل ما تعنيه كلمة الكارثة من معان وبكل ما يصرفه الرئيس الأفغاني عن طبائع القبائل والمجتمع الأفغاني.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية