فلا هي تمتلك الواقعية والجرأة الكافية للاعتراف بالهزيمة والتسليم بخسارتها المعركة،
رغم بوحها بذلك مداورة تارة ومناورة تارة أخرى، ولا هي قادرة على التقدم خطوة واحدة نحو خيار المواجهة المباشرة لقناعتها ويقينها بتداعياته وارتداداته الكارثية ليس على المنطقة فحسب بل على الولايات المتحدة والعالم أجمع.
وانطلاقاً من ذلك فإنه يمكن فهم حقيقة السلوك الأميركي بكل تموجاته وتقلباته وتلوناته في هذه المرحلة تحديداً، حيث الشعور بالعجز يفرض حضوره وسطوته على حركة السياسة الأميركية التي تحوم وترفرف ضمن حدود المنطقة الفاصلة المحاصرة بالفشل من كل اتجاه، رغم محاولات إدارة الرئيس أوباما الحثيثة والمتسارعة لتحطيم وتجاوز تلك الحدود عبر اللجوء مرغماً إلى تحقيق إنجاز في الملف النووي الإيراني، أو عبر تصدير الإرهاب ونقله إلى مناطق جديدة تمنح الأخيرة فرصة لالتقاط الأنفاس وخلط الأوراق بما يمكنها من الخلاص من كابوس (المنطقة الفاصلة) بأقل الخسائر والفضائح.
لكن الإشكالية الحقيقية التي تتربص بالإدارة الأميركية هي إخفاقها حتى الان بالخروج من حدود العجز عن فعل أي شيء، وهذا ما يجعل من المشهد أكثر ضبابية وتعقيداً، الأمر الذي يفتح الباب على مصراعيه على مزيد من الاحتمالات الكارثية التي من شأنها أن تمدد وتمهد لسنوات طويلة من الصراع الدموي في المنطقة .
بالعموم تحاول الإدارة الأميركية وقد وصل مشروعها الاستعماري إلى حائط مسدود قذف كل محتوياتها وخياراتها وأوراقها إلى سطح الأحداث، في محاولة قد تكون الأخيرة لإنقاذ ماتبقى من مشروعها قبل أن تلتهمه المتغيرات والمعادلات والقواعد الجديدة التي بدأت ترتسم على الأرض حتى لو أدى ذلك إلى الذهاب بالمنطقة والعالم إلى حافة الهاوية.