تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أوتار.. الحب ... شيء من العنفوان والقوة

آراء
الخميس 4-2-2010م
ياسين رفاعية

تعتبر الدكتورة جوديت كرافيتز، أن الحب يمنح المرء أن يعيش حياة سعيدة وأن الحياة كلها لولا الحب، لكانت لاتطاق وتشير إلى منظمة تحمل اسم منظمة التنفس التحولي وترمز في شعارها إلى الحب والقوة والفرح، ففي هذه الأقانيم تعتبر الراحة الحقيقية للبشر..

فـ: الحب والقوة والفرح... هي أهم كنوز يسعى البشر إلى كسبها، وإنما معظم الناس لم يختبروا أياً منها بالمعنى الحقيقي، فهم يعيشون الحب على أنه غيرة وعوز وعبث وألم، وشعور حصري أو مقيد، أو هش، أو شروط، وعلى حين تعتبر القوة حالة مؤقتة من الاكتفاء الذي ينجم عن التأثير على معتقدات شخص آخر، أو أفعاله ينظر إلى الفرح على أنه نزوة مبعثرة، أو شيء غير حقيقي لايدوم لأكثر من بضع دقائق.‏

لكن تقول الباحثة في علم النفس د.جوديت كرافيتز في كتابها breathe deep laudlt إن الحب هو القوة العظمى في الكون، وكثيراً ما أسمع الناس يقولون إن أهم شيء في الحياة، تجربة الحب وكثيراً من الناس في الشرق والغرب، وفي قديم الزمان والحاضر اختبروها، فالحب يحمل أولاً محبة الخالق إلى كل شخص، وأن نار الحب المقدس موجودة في كل قلب، تشتعل فجأة، وتهمد فجأة.‏

في الحقيقة إن مفهوم الحب الحقيقي، يختلف اختلافاً تاماً مع شكل الحب الشائع الذي نعيشه كل يوم والذي تجسده الفكرة التالية: سأظل أحبك طالما تعطيني ما أريد، وفي أغلب الأحيان، يستمتع الناس بالحب الحقيقي لأنهم يأخذون بالمعتقدات الشائعة، ومنها أن لكل الأشياء الجميلة نهاية لامحال والحب يجرح القلب وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه الأفكار تشكل واقعاً بسيطاً في حياة العديد من الأشخاص، ولكن الحب الأصيل يظل ينمو من دون أن يستلزم تحقيق بعض الشروط، وبالرغم من أن الحب غير المشروط هو القوة الشفائية في الكون، إلا أن قلة منا فقط اختبروه حقيقة، فمعظمنا حظي بمحبة أشخاص يريدون الحصول على شيء منا، نحن عليه، وينظر إلينا على أننا كاملون، وأن هذا الإدراك ينمو في وعي أولئك الذين تدربوا على عمقانية الروح ومارسوه، وهو بالفعل جزء من التوسع الروحي الذي ينجم بصورة طبيعية عن بلوغ مراحل سامية من الوعي خلال كل تجربة في الحب.‏

ولابد من الإشارة إلى أن الهوة بين الحب المشروط والحب غير المشروط سحيقة جداً، وتشبه الوادي الكبير، وإنما من الممكن تقليص هذه الهوة أو ردمها عبر ما تمنحنا إياه تجربة الحب الذي يحرك الجبال ويهز العالم.‏

أما عن القوة، أو بالأحرى المقدرة، فعندما يتخلى العالم عنك، قد تعتقد أنك لاتتمتع بما يكفي من القوة، وأن الآخرين يتغلبون عليك، فإن أثارت قوة العالم ارتعاشاً خفيفاً في نفسك ورسمت ابتسامة عابثة على شفتيك، فهذا يشير إلى أنك لاتؤمن بأنك تتمتع بما يكفي من القوة، فتحاول في أغلب الأحيان أن تستمدها من الآخرين، أما إن كانت ردة فعلك تجاه مفهوم القوة تتسم بالراحة والفرح، فهذا يعني أنك تعرف جيداً موقعك من الحياة.‏

والقوة أو الإرادة ذاتها، ليست خيراً أو شراً فهي أشبه بشعلة نار قد تبقيك دافئاً خلال سهرة ما، أو تدمر الغابة بأكملها، فما يحدد دور القوة في حياتنا هو كيفية اكتسابنا واستخدامنا لها، وإن كيفية استخدامنا لهذه القوة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمحط اهتمامنا والغاية التي نسعى إليها، وعلى مستوى شخصي أكثر عمقاً هي كيفية رؤيتنا لمصدر القوة في الحب التي تحدد سعادتنا.‏

فإن كانت غايتها على الدوام أن يكون حبنا قوياً فإن مايخلقه في حياتنا هو الحاجة إلى المزيد من القوة، وهنا، علينا أن نميز بين نوعين من هذه القوة الشخصية هما القوة المغلوطة التي تعبر بنا إلى مايشبه الحب المزيف، والقوة الحقيقية المبينة على جوهر الحب، فنحن إذا ما استخدمنا مخططات قوامها التحكم والخوف يمكننا أن نسعى إلى انتزاع مالدى الآخرين والادعاء بأنه ملك لنا.‏

وقد أوضح جيمس ريدفيلد هذا المفهوم على نحو رائع ومميز في كتابه tha celestine prophecy فجسدت قصصه حول السيطرة طريقنا في استمداد الطاقة من بعضنا البعض عبر استخدامنا أنماطاً سلوكية تغوي الآخرين وتحملهم على تحقيق مخططاتنا نحن بدلاً من مخططاتهم الخاصة، ولكن هذا الشكل من القوة مبني على الضعف، وهو على غرار انتهاك الأرض وشن الحرب المدمرة سعياً وراء النفوذ، ينضب بسهولة ويؤدي إلى مزيد من الخوف والدمار.‏

أما القوة الحقيقية فتقوم على الحب والابداع، ونحن نعثر على هذه القوة بصورة طبيعية عندما نفتح أذرعتنا للقوة السامية والسماوية التي تدعونا يوماً تلو الآخر إلى استقبالها، وإن هذه القوة لاتنضب مطلقاً، وهي تقود إلى مزيد من الحب والابداع، حتى لكأنها أشبه بالشمس، التي تمنحنا أشعتها من دون قيد أوشرط أو حتى إحساسنا بفضلها علينا.‏

ويحرص المقاتل، والمغامر، إن الهواء المنعش الذي يستنشقه يمده بالقوة وكذلك الشاعر والروائي والفنان بشكل عام، كل منا عبرها، يحاول أن يفوز بقلب امرأة فاتنة يحبها وتحبه، والواقع أن هذه القوة لاتنبعث من النفس العذب الرائحة الذي يشتمل عليه، مثلاً معجون الأسنان مثلها مثل الحب الحقيقي كما تحاول أن توهمنا الاعلانات التجارية المثيرة جنسياً، فخلافاً للمعتقد السائد: القوة الحقيقية تنبع من دواخلنا ولو أننا كنا على صعيد المجتمع ككل نتنفس هذا الحب بوعي لكانت حاجتنا إلى القوة أقل لأننا سنعلم عندها أن خير الحب اللامتناهي ينبع من أعماقنا للأسف، فعلى المقلب الآخر ننغمس في التملق للآخرين والتصارع معهم والتجاذب السياسي والثرثرة وترداد الشعارات الرياضية، ومشاهدة الأفلام السينمائية وما إلى ذلك، حتى إن الكثيرين منهم يعرفون عن المشاهير الذين يحتلون الشاشة الصغيرة أكثر مما يعرفون عن أنفسهم ولانقول هنا إن هذه الأمور سيئة، ولكن أن ننظر إلى حياتنا ودواخلنا عن كثب فهي الوسيلة التي وضعت بين أيدينا كي نتمتع بالشيء الأساسي الذي منحنا إياه الله ألا وهو الحب، إنه القوة الحقيقية والمقدرة الحقيقية على خلق ذواتنا والتعبير عنها.‏

تعليقات الزوار

دارين |  darinnjib@yahoo.com | 04/02/2010 07:43

نعم إن فلسفة الحب الحقيقي تقودنا لأن نعطي دوما عندما نرى الجمال لا أن نأخذ وهذا عادة يأتي من شعورنا الداخلي بالعنفوان والقوة والذي منبعه إحساسنا بامتلاكنا لقوة الحب الصادق تجاه كل موجودات هذا الكون... شكرا

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية