وبقدر ما منحت السماء من خير، فقد فُتح باب الأسئلة حول كيفية الاستفادة من هذا المخزون المائي الاستثنائي زراعةً وإنتاجاً، فيوم كانت البلاد في حالة تقارب القحط المائي كانت المياه حسرة لكل المنتجين وكل الروزنامات الزراعية، كما كانت (سبباً) لكل تراجع في الإنتاج أو خطأ في التقدير، أما اليوم ومع ما خزنته أرضنا من مياه، وجب الأمل بطفرة إنتاجية تكفي السوق المحلية ومن كل أنواع الخضار والفاكهة التي صنفتها الطبيعة ضمن هذه الفترة من السنة.
لم يعد مقبولاً الطفرات السعرية في المنتجات الزراعية وفي عز موسمها في البلاد، كما لم يعد مقبولاً ارتفاع أسعار الخضار والفاكهة في الساحل السوري نفسه الذي بات اليوم الخزان الزراعي لسورية، الأمر الذي يستوجب السؤال عن الخطة العاجلة التي وضعت ومن كل الجهات ذات الصلة بهذه المسألة.
الفكرة أن الخطط الزراعية بتكوينها التقليدي لم تعد مجدية مع الوضع الغذائي والزراعي في سورية، وبعبارة أخرى فإن الفرصة سانحة وبشدة لتغيير بعض أركان هذه الخطط وتجربة أنواع جديدة من منتجات الأرض مهما كانت الفكرة غريبة، ولا سيما أن الزراعات الحالية بدءاً من الحمضيات وما سببته للفلاح من كوارث وخراب وصولاً إلى الزيتون الذي قُلع سواده الأعظم فيما مضى لتُزرع الحمضيات بدلاً عنه، بات يحمل من السلبيات أكثر من الإيجابيات للمزارع والقطاع الزراعي نفسه.
من غير المفهوم وجه الاستحالة في تغيير شكل بعض المواسم وإدخال أصناف زراعية جديدة ومنتجات أكثر جدوى مادياً وغذائياً في وقت يمكن فيه خلال الموسم الحالي تجربة كل ما كان يعد ضرباً من ضروب الخيال.
لعل من الطرافة تصدّر البندورة البلاستيكية الموحية بالهرمونات كل محال البيع، في وقت لا تسجّل فيه محافظة اللاذقية (التي ما زالت تعتمد الزراعة العضوية بنسبة عالية) مساحات إنتاجية من هذه الثمرة قادرة على كفاية مدينة واحدة صغيرة بحجم مدينة جبلة.