وتعد هذه التظاهرات الأولى من نوعها منذ بدء تنفيذ السلطات قانوناً أعدتها الخميس الماضي لقمع المتظاهرين تحت ذريعة محاكمة من تصفتهم بـ»الخارجين عن القانون» يوم الخميس الماضي.
وقد خرج آلاف الفرنسيين من حراك «السترات الصفراء» إلى شوارع المدن للتظاهر في احتجاجات السبت الـ 22 على التوالي.
وقدرت وزارة الداخلية الفرنسية، عدد المتظاهرين في أنحاء البلاد بنحو 31 ألف شخص، بمن فيهم 5 آلاف شخص في العاصمة باريس، فيما تقول «السترات الصفراء» إن عدد المتظاهرين تجاوز الـ 80 ألف شخص.
وتوجه المتظاهرون في باريس عصر أمس إلى ساحة الجمهورية في مسيرة تطالب بحرية التظاهر، احتجاجا على ما فرضته السلطات الفرنسية من قيود على التظاهر منذ منتصف الشهر الماضي.
وحسب آخر المعطيات، فقد أكدت الشرطة توقيف 27 متظاهرا في العاصمة.
وفي مدينة تولوز جنوبي البلاد، تظاهر أكثر من ألف شخص، واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لتفريق المتظاهرين وسط المدينة، وأوقفت أكثر من 20 شخصا.
وخرجت التظاهرات أيضا في ليل ومارسيليا وبوردو ولافال وعدد من المدن الأخرى.
ووفق ناشطين في حركة السترات الصفراء بدأت تجمعات في مرسيليا وغرينوبل وليل وغيرها وذلك ضمن الاستعدادات لما أطلقوا عليه «اليوم العظيم» الذي وعد به مسؤولو الحراك في الـ20 من نيسان الجاري تزامناً مع إعلانات وعد بها ماكرون في محاولة لاحتواء الاحتجاجات والخروج من الأزمة التي تشهدها فرنسا.
وكعادته استبق وزير الداخلية الفرنسي احتجاجات أمس بإطلاق تهديدات بالتصدي للمتظاهرين معلناً عن «الاستعداد لخوض المعركة» واتخاذ تدابير وصفها بـ»المناسبة» لمواجهتهم.
وبدأت الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة ضد ماكرون وسياساته والتي أطلق عليها اسم «السترات الصفراء» في الـ17 من تشرين الثاني الماضي وسرعان ما انتشرت في كل أنحاء فرنسا كما انتقلت إلى دول أوروبية أخرى وواجهت السلطات الفرنسية هذه الاحتجاجات بقمع مفرط أدى إلى سقوط العديد من الضحايا واعتقال الآلاف.
بموازاة ذلك وفي الوقت الذي تتبجح فيه فرنسا بالحرية والديمقراطية، كشفت مقررة الأمم المتحدة الخاصة ليلاني فرحة، أنّ فرنسا ترتكب انتهاكات في مجال حقوق الإنسان بحق المشردين، مشيرة إلى أن القوانين التي تكفل السكن للجميع لا تحمي المستضعفين، وانتقدت معاملة الشرطة للمهاجرين الذين ينامون في الغابات وعلى جوانب الطريق.
وبعدما زارت فرحة مخيمات متنقلة للمهاجرين في باريس ومدينة كاليه الساحلية وتجمعات حضرية في مرسيليا ومستوطنات للروما (الغجر) على مشارف المدينة، دعت إلى وقف إجراءات الطرد التي تنتهك القانون الدولي الذي يكفل الحق في السكن اللائق.
وفي تصريح لفرحة وهي محامية كندية لرويترز قالت: (يطرد المشردون في جميع أنحاء البلاد وفي سياقات مختلفة، بما لا يتماشى مع القانون الدولي لحقوق الإنسان)، و(قابلت في كاليه مجموعة من المهاجرين في حالة من الصدمة دون شك)، وانتقدت معاملة الشرطة للمهاجرين الذين ينامون في الغابات وعلى جوانب الطرقات.
وفي الإطار نفسه لم ترد متحدثتان باسم الحكومة ووزارة الإسكان على اتصالات ورسائل نصية من رويترز للتعليق على القضية.
وبينت فرحة أنه يتعين على فرنسا التركيز على توفير إسكان غير مشروط للمشردين بدلاً من نقلهم عبر مستويات مختلفة من الملاجئ على أساس العمل والحالة الصحية والوضع الإداري.
وتزايدت في فرنسا شأنها في ذلك شأن معظم الدول الأوروبية حالات التشرد خلال العقد الماضي نتجت عن تبعات الأزمة المالية العالمية وتدفق المهاجرين من إفريقيا والشرق الأوسط.
وقال المعهد الوطني الفرنسي للإحصاء والدراسات الاقتصادية إن ما يربو على 12 ألف شخص ينامون في العراء في شوارع فرنسا.
وذكرت منظمة (ليه مور دو لا رو) الخيرية التي تتابع وفيات المشردين أن 566 مشرداً توفوا عام 2018 على مستوى فرنسا منهم أكثر من مئة في باريس وحدها.