تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


اللصوص والمخربون يستبيحون المواقع الأثرية .. وكنوز لاتقدر بثمن تتعرض للنهب والتخريب في حماة

حماه- الثورة
محليات ـ محافظات
السبت 10-3-2012
استغل بعض اللصوص والمخربين الأحداث التي تمر بها محافظة حماة فعاثوا فساداً في المواقع الأثرية واستباحوا هذه المواقع نهباً وتخريباً وقد شملت اعتداءاتهم وتعدياتهم العديد من المواقع المهمة وبخاصة مدينة أفاميا الأثرية

التي تعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد والتي بناها سلوقس نيكاتور في عام 300 ق.م وأسماها على اسم زوجته ولأن هذه المدينة تضم كنوزاً من اللوحات الفسيفسائية لاتقدر بثمن إضافة إلى مالا يعد أو يحصى من اللقى الأثرية الأخرى كالنقود والتماثيل والتحف فقد كان مؤلماً ومؤثراً أن تستباح من قبل اللصوص وأن تتعرض للنهب والتخريب وقد شاهدنا صوراً يتم تداولها على أجهزة الموبايل للعشرات من اللصوص والمجموعات التخريبية التي تجمعت في هذا الموقع الأثري المهم وهي تحمل مختلف الأدوات لتنقب بشكل عشوائي في أرجاء هذه المدينة الأثرية كما تم تداول صور للوحات فسيفسائية في غاية الروعة والجمال قيل إن هؤلاء اللصوص قد وجودها في هذه المدينة وقد سألت الثورة السيد عبد القادر فرزات مدير آثار حماة عن هذه الصور وعن حقيقة التعدي على مدينة أفاميا الأثرية وأكد فرزات أن الصور أرسلت له كما أبلغه رئيس دائرة الآثار في أفاميا بهذا التعدي الصارخ على الموقع حيث قام عدد كبير من اللصوص باستباحته وقاموا بالتنقيب بشكل عشوائي وبمختلف الوسائل والأدوات في مختلف أرجاء الموقع وبخاصة في الأماكن التي لم يتم التنقيب بها سابقاً أو التي لم يتم الانتهاء منها وتم نهب الكثير من الكنوز الأثرية من تحف وتماثيل ونقود تعود إلى فترات زمنية موغلة بالقدم إضافة إلى العديد من اللوحات الفسيفسائية الفريدة والتي تدل على الحقب التاريخية التي مرت بها هذه المدينة ويتم تداول بعض هذه الصور على أجهزة الموبايل وهذه اللوحات تدل على المستوى الحضاري الراقي لهذه المدينة وإحداها لنواعير حماة التي تعتبر أقدم أثر مائي متحرك في العالم.‏

وأضاف فرزات قائلاً: إن موقع أفاميا ليس الوحيد الذي تعرض للتعدي من قبل لصوص الآثار فقد شهدت عدة مواقع أخرى تعديات وبخاصة موقع أم كعيبات في المعسكر الشمالي في منطقة الحمراء الذي يضم لوحات فسيفساء تعود إلى العصر البيزنطي وقد تعرضت للتخريب ولأكثر من محاولة لسرقتها كما تعرضت المواقع والتلال الأثرية في زيزون وقسطون وطار العلا وقنص وتمك لتعديات متعددة كما تعرض بعض المواقع للتجريف والحفر وإشادة الأبنية فوقها حيث استغل بعض ضعاف النفوس الأحداث الراهنة ليكثفوا من تعدياتهم على هذه المواقع.‏

وعن المواقع الأثرية ضمن مدينة حماة قال فرزات: إن هذه المواقع لم تتعرض لأي أذى باستثناء متحف حماة الذي تعرض لثلاث محاولات للسرقة لكن الأهالي تجمعوا وصدوا المخربين ومنعوهم من سرقة المتحف واقتصرت الخسائر على سرقة أسلحة الحراس وأخيراً وللدلالة على أهمية موقع أفاميا الأثري ننشر لمحة عن هذه المدينة من حيث موقعها والحقب التاريخية التي مرت بها كما ننشر بعض صور اللوحات التي تم نهبها من هذا الموقع.‏

منذ الألف الثالثة قبل الميلاد وأفاميا لم تزل مأهولة حتى الآن‏

وصف الموقع: تقع مدينة أفاميا إلى الشرق من الضفة اليمنى لنهر العاصي فوق هضبة مرتفعة ومحاطة بأودية عميقة وتشرف على سهل الغاب الفسيح وقد أسسها القائد اليوناني سلوقس نيكاتور عام 300 ق.م وحصنها بسور ضخم طوله حول المدينة نحو 7كم وللمدينة شارع مستقيم يخترقها من الشمال إلى الجنوب ومحاط بصفين من المحال التجارية وتتوزع حوله الأبنية العامة من حمامات ومعابد وساحة عامة وكنائس وغيرها لقد بدأ الاستيطان في طرف الهضبة والاكروبول منذ أقدم العصور وقد أثبت استمرار السكن منذ العصر البرونزي القديم والأوسط وعرف الموقع باسم نيا المذكورة في النصوص المصرية والأكادية خلال حملات الفراعنة على شمال سورية خضعت للحثيين في القرن التاسع ق.م وتبعت لمملكة أورهلينا ثم خضعت للفرس خلال القرن الخامس وسميت فرناكة وظلت تحت سيطرة الفرس حتى عام 333 ق.م وبعد انتصار الاسكندر المقدوني في معركة أيسوس أطلق عليها اسم ويبلا وبعد وفاة الاسكندر آلت سورية الشمالية إلى سلوقس نيكاتور فبنى المدينة وأطلق عليها اسم أفاميا تخليدا لزوجته الفارسية اباما وقد حصنها سلوقس ووضع فيها جيشه السلوقي مع فيلته الخمسمئة وفرقة الفرسان وأصبحت قاعدة للجيش السلوقي وقد دمرت المدينة على يد القائد الروماني بومباي في عام 64 ق.م وبعد سيطرة الرومان لم تفقد المدينة أهميتها الإدارية أو الاقتصادية بل تطورت وازدهرت واستخدمت لثلاث مرات كمقر شتوي للفيلق الباريثي الثاني الذي شكله سبتيموس سيفيروس، سقطت المدينة لفترة وجيزة في عام 256 م بيد الساساني شابور وقيمة أفاميا لم تأت من موقعها الاستراتيجي فحسب فقد برزت في القرن الرابع الميلادي كمدينة تتبلور فيها المدرسة الفلسفية الأفلاطونية الجديدة المقاومة للتأثير المتنامي للمسيحية فقد أثبت وجود أسقفية منذ بداية القرن الرابع الميلادي كما أصبحت أفاميا نحو عام 415 م عاصمة سورية الثانية إلى جانب أنطاكية ومقرا لأسقفية. تتميز مدينة أفاميا بمخططها المعماري الشطرنجي المميز بالشوارع المستقيمة والمتعامدة بزوايا قائمة ومتوازية وتتميز أيضاً بشارعها المستقيم الذي يبلغ طوله 1850 م وعرضه 3705 م مع أروقته ما تنفرد أفاميا بأعمدتها المحلزنة وبمسرحها الضخم الذي يعتبر ثاني أكثر أكبر مسرح في الامبراطورية الرومانية بعد مسرح بومبي كما تم الكشف في موقع أفاميا على حمامين رومانيين كان يتم تزويدهما بالمياه عبر قناة تعرف بقناة العاشق والتي يبلغ طولها 150 كم تمتد من نبع الزرقا في سلمية إلى أفاميا كما أن المياه كانت تزود معظم البيوت والمنشآت العامة في المدينة كمعبد الحوريات والتواليتات العامة ومن المكتشفات المهمة في المدينة الكاتدرائية وقصر الحاكم الأسقفي والاغورا ومعبد وتيكة ربة السعادة وحامية المدينة وأساسات معبد زوس ومن المكتشفات المهمة أيضاً سور المدينة الذي يبلغ طوله نحو 7 كم والذي تم الكشف على نحو 6 كم منه والذي يتوضع عليه أكثر من مئة برج دفاعي مربع.‏

ونظراً لموقع أفاميا الاستراتيجي المهم وقربها من نهر العاصي المحاط بالأراضي الخصبة والمشهورة منذ العصور القديمة والملائمة لزراعة الكرمة والأشجار وتربية المواشي فقد كان لها أهمية كبيرة في دعم الجيش السلوقي بالمؤن والغذاء ولتوافر هذه الأمور فقد أصبحت مقراً للجيش السلوقي ومعسكراً شتوياً للجيش الروماني في القرنين الثاني والثالث الميلاديين كما كان لأفاميا أهمية تجارية كبيرة فقد انتشر تجار جملة أغنياء من أفاميا في أرجاء العالم الهليني والروماني والنقوش تثبت ذلك كذلك كان لأفاميا أهمية دينية فقد كانت مركزاً للأسقفية وكانت تعتبر مع مجموعتي جرش والرصافة من أكثر المجموعات المعمارية ضخامة في الشرق المسيحي، كما كانت مركز حج لاحتوائها على ذخائر عود الصليب وبعض الشهداء والقديسيين أمثال قوزما ودوميانوس، كما كان فيها مقر المدرسة الأفلاطونية الجديدة ونظراً للأهمية التاريخية للمدينة على مر العصور فإن أهميتها في الوقت الحاضر لاتقل أهمية، لأن آثارها خير مثال على حضارتها العريقة وفنها المعماري الفريد بطرزه المتعددة الذي انبثقت عنه الأعمدة الحلزونية وشارعها المستقيم وسورها العظيم الذي يحيط بالمدينة بطول 7كم.‏

الحقبة الزمنية: يعود تاريخ المدينة إلى الألف الثالثة ق.م كما عثر في شمال القلعة على مكاشط وأزاميل تعود للعصر الحجري، أما الموقع الحالي فالمدينة بنيت في الفترة الهلنستية منذ عام 300 فوقعت تحت السيطرة الرومانية منذ عام 64 ق.م فهدموها مع قلعتها ثم قام الرومان بمتابعة البناء منذ بداية القرن الأول الميلادي وانتهى العمل في المدينة في نهاية القرن الثاني الميلادي، حيث تطورت وازدهرت خلال تلك الفترة تعرضت المدينة للغزو الفارسي عام 540 م وعام 573 م خلال الفترة البيزنطية وفي عام 638 م فتحت المدينة على يد أبي عبيدة بن الجراح صلحاً وأدخلت تحت حكم جند حمص احتلها الصليبيون بقيادة تانكريد عام 1106 م وحررها نور الدين الزنكي عام 1149 م ضربها زلزال مدمر عام 1157 م فهجرت المدينة واقتصر السكن على القلعة ولاتزال قلعتها مأهولة حتى الآن.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية