التي أعطت وأعطت ولم تمل، هذه الثورة التي أنجبت منجزات عديدة، ألا يحق لنا أن نحتفل بها ونحيي ذكراها العظيمة، ثورة كان لها الصدى والرجاء والأمل، ومنها زاد عطاؤنا واستبشرنا خيراً، وفي آذار عيد آخر يفتح آفاقاً واسعة ويأخذ بيد الناشئة ليهديهم إلى الرشد ويعلمهم ليصبحوا أشداء، أقوياء في وجه الرياح العاتية، إنه عيد المعلم، ذاك المعلم الذي يستحق منا كل تقدير وتبجيل، وكما قيل: «من علمني حرفاً كنت له عبداً»، المعلم الشامخ أمامنا والقدوة الحسنة لأجيال تنهل من عباب بحره وتهتدي بهدايته وتسير على خطاه، وقد قال الشاعر أحمد شوقي:
قم للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
وتعتبر مهنة التعليم من أشق المهن وأصعبها، هذه المهنة السامية والنبيلة والتي تخّرج الأجيال وتفتح أمامهم باباً من نور وعلم، أما العطاء الأكبر والأسمى فهو عطاء الأم وعيدها لا يضاهيه عيد، إنه العطاء الخالص النقي، هذه الأم الأرض، الزوجة، الأخت، المعلمة، التي مهما قلنا فيها لا نفيها حقها، إنه عطاء بلا مقابل أو أجر، في عيدها تفرح الأرض والسماء والبشر والحجر، ترفرف الطيور وتنشد الألحان العذبة لأجلها، إنه عيدها وربيعها وفرحها بلقاء أمها بجانبها تخرج من أعشاشها بعد أسر طويل تعلن ولاءها وتعاهد أمها على الوقوف بجانبها وقت الشدائد والملمات، وفي خضم هذه الأعياد وفي ربيع العطاء يتجدد الحب ويتجدد الأمل بلقاء قادم، بأمل يلوح من بعيد، في عيون ساحرة في جباه عالية، إنه الربيع توءم آذار المجيد يهمس في أذنيه معاً نحيا معاً نموت من أجل بقاء العالم فلنحيا ويزهر الربيع دائماً.