ولقد أشارت العديد من الدراسات بأن بعض الأطباء قاموا
بوصف العقاقير الطبية لقناعتهم بأن المشكلة أسبابها عضوية وأنه ينبغي إعطاء الطفل بعض العقاقير المهدئة للحد من نشاطه الحركي المفرط ولكن هم أنفسهم اكتشفوا فيما بعد بأن هناك آثارا جانبية سلبية على العمليات العقلية والعصبية الانفعالية للأطفال الذين استمروا.
على هذه المهدئات لفترات طويلة وتبين للأطباء بعد إجراء اختبارات ميدانية أن نتائج الدراسات أكدت عدم جدوى العقاقير الطبية في علاج النشاط الزائد لدى الأطفال وقد نصح أطباء آخرون بعلاج النشاط الزائد لدى الأطفال عن طريق اتباع نظام غذائي يتضمن الامتناع عن تناول بعض الأطعمة التي تسبب الحركة الزائدة للطفل وخاصة الحلوى التي تحتوي على الألوان الصناعية والأغذية المحفوظة التي يدخل في حفظها المواد الكيماوية وذلك بعد أن ظهرت أعراض النشاط الزائد عند بعض الأطفال الذين يتناولون مثل هذه النوعية من الأطعمة بصفة مستمرة ولفترات طويلة ولكن لوحظ أن امتناع الأطفال عن تناول تلك الأطعمة هو مجرد وقاية من تكرار آثارها على جهازهم العصبي ولكن المظاهر السلوكية للمشكلة تظل باقية في سلوك الأطفال .
أي إن فعالية العلاج بالغذاء لم تثبت جدواها بالشكل المطلوب فاتجه الدارسون إلى العوامل الاجتماعية والنفسية والظروف البيئية السيئة المحيطة بالطفل فهم يعتقدون أن هؤلاء الأطفال يمارسون أنماطا غير سوية من السلوك كردود فعل استجابية لتلك الظروف وأن الأسباب العضوية التي تكمن وراء بعض حالات النشاط الزائد مثل تلف المخ أو تلف الجهاز العصبي يجب التوجه إلى العلاج السلوكي حيث ينظرون إلى أن ما يكتسبه الطفل من أخطاء أو اضطرابات سلوكية يمكن للطفل أن يتوقف عنها إذا تم تغيير الظروف التي تحيط بتكوين تلك العادات السلوكية المضطربة أو إذا أمكن إزالة تلك الظروف عندها يمكن علاج تلك الاضطرابات السلوكية فالعلاج السلوكي يهتم برصد الاستجابات وردود الأفعال البيئية قبل ظهور السلوك المشكل أي أن كل أنواع السلوك يمكن أن تتغير عن طريق إجراء تغيير في بيئة الفرد التي تضم كل المثيرات المحيطة بالطفل والظروف المعيشية أي أن البيئة ستكون قابلة للتغيير في عناصرها التي تؤثر في شخصية الفرد وبذلك يتم خفض معدل حدوث السلوك غير المرغوب وزيادة معدل حدوث السلوك المرغوب والذي يقصد به كل الأفعال والتصرفات سواء كانت لفظية أم بدنية أم حركية وأن تعديل السلوك يتطلب تحديد ما يراد تغيره ثم تحديد الأساليب والإجراءات المناسبة للعملية المطلوبة ويبدأ تشخيص المشكلة السلوكية برصد استجابات الفرد كما يلاحظها الآخرون في الواقع وأكثر هذه الأساليب شيوعا واستخداما في مجال العلاج السلوكي هو(أسلوب التعزيز) والذي يأتي بعد سلوك يؤدي إلى الشعور بالارتياح والرضا فهذا السلوك يساعد على تقوية هذا السلوك وجعل الطفل يميل إلى تكراره أي إننا دعمنا هذا السلوك.
ويمكن التعبير عن ذلك من خلال تقديم مكافأة مادية أو معنوية محببة إلى الطفل وتتناسب بالقيمة مع ما بذله الطفل من جهد للقيام به وأن يكون مباشرة فور ظهور السلوك المرغوب فيه والمراد تقويته وتكراره وأن يكون التعزيز في البداية مستمرا أي أن يكون لكل استجابة صحيحة مكافأة ثم يكون متقطعا بمعنى أن تقدم المكافأة أحيانا وتحجب أحيانا أخرى وقد رأى الباحثون أن أسلوب التعزيز المتقطع والفوري قد أثبت جدواه بشكل أكبر وكذلك يمكن الاعتماد على تعديل سلوك الطفل غير المرغوب فيه بأسلوب التعلم النموذجي ويعني تقديم نماذج توضيحية للسلوك المرغوب بطريقة صحيحة بحيث يتم جذب انتباه الطفل لمتابعة الأداء ثم نطلب من الطفل أن يحتذي به ويحاكيه ومن المعروف أن الطفل يكتسب كثيرا من السلوكيات عن طريق التقليد وهنا ينبغي الانتباه إلى توجيه الطفل إلى السلوكيات المرغوب فيها أي توجيهه إلى النماذج الصحيحة وليس الخاطئة ويحبذ أن يكون هذا النموذج من الكبار المحببين للطفل حيث أجمعت نتائج الدراسات على فاعلية برامج العلاج السلوكي في خفض مستوى النشاط الزائد للأطفال .
أخيرا: نقول إن الطفل هو كالغرسة اليانعة التي تحتاج إلى رعاية واهتمام فائقين لذا ينبغي متابعته خطوة بخطوة وعدم الانشغال عنه مهما كانت الظروف والأسباب لأن معالجة الخطأ أصعب من تكريس الصح .