وأوضح الباحث في محاضرته التي ألقاها مساء أمس في ثقافي «أبو رمانة» ان الشعر يرتكز على ستة عشر بحرا تسمى العروض ويتفرع عنها عدة بحور مختصرة أو جزئية مبينا أن الشاعر الحقيقي هو الذي يتصف بالأخلاق والحكمة والتواضع والاقتراب من الواقع فالشعر هو سلاح ذو حدين لأن الشاعر الذي يميل كما تميل الرياح يضر بالأمة وبكلمة مختصرة من يخون الامة بالشعر اخطر ممن يخون الامة بالسلاح.
وجاء في تقرير لسانا قوله: وما ينطبق على الشعر ينطبق على الزجل بحسب معمر من حيث الاوزان فالشاعر الفرنسي لامارتين دفع بالنهضة الفرنسية إلى الأمام والشاعر الروسي بوشكين فرض الإصلاحات التي يريدها على السلطة أما الشاعر نزار قباني فنقل الأمة من التشتت والضياع إلى أرض الواقع وكذلك عمل الشعراء سعيد عقل وبشارة الخوري وعمر أبو ريشة وبدوي الجبل ومحمود درويش وابو القاسم الشابي لما فيه صالح الأمة وتقدمها وتحريرها من الجهل.
وبين معمر ان الزجل يرتكز على ثلاثة عناصر أساسية وهي المضمون والوزن والصورة البلاغية موضحا انه إذا كان المضمون سيئا سقط الزجل مهما كانت أوزانه وإيقاعاته وصوره لافتاً إلى أن العصر الراهن يشهد تراجعا على مستوى الذائقة بسبب هيمنة الفضائيات على وعي الجيل الحالي إضافة إلى استسهال الكتابة التي اصبحت بمتناول الجميع.
ولفت الباحث إلى أن الزجل أكثر مرونة وشفافية من الشعر لأنه باللغة المحكية حيث يساعد على التعبير والفهم وهو اقرب الى الناس موضحا ان الشاعر الذي يجاهر بالحقيقة افضل من الشاعر الذي لا يعبر عنها خاصة أن الإلهام الشعري هو نوع من الوحي الذي يستمده المبدع عادةً من الشيفرة الثقافية الخاصة بالبيئة الاجتماعية التي ينهل منها غالباً مفرداته وصوره وتعابيره ماداً جسراً من التواصل اللغوي والفني مع الجملة الشعبية التي بدورها تتخذ من اللكنة المحكية الخاصة بكل بيئة هويتها ونكهتها وخصوصيتها.
ويعتبر فن الزجل بحسب معمر حاضنة ثقافية عالية المستوى في البيئة السورية حيث استطاع الزجالون وشعراء الردة أن يدونوا في هذا النوع الشعري الشفهي عادات وتقاليد وأعراف ومثل مجتمعاتهم التي غنوا لها وعنها متخذين من الحبكة اللغوية البسيطة أداةً لتدوين فكرتهم عن الأرض والإنسان وعناصر الطبيعة التي عايشوها على مر عقود طويلة.
ويعتقد الباحث أن الزجل من أبرز سمات الثقافة الشعبية التي يجب على مؤسسات الدولة أن تأخذ بيدها مشكلة هيئات خاصة لتكون بمثابة أرشيف ضخم لتسجيل وتدوين هذا الأثر الفني عالي المستوى والذي تمكن شعراؤه على مر القرون من نقل أحاسيس ومشاعر وقيم الإنسان السوري حيث بقي الزجل من أهم علامات الحوار الحضاري الذي اختزنته الأرض السورية عبر علاقتها مع العمل وقيمه في المجتمعات القروية الأولى.