تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حــــذار الانفـــجار الســكاني!

معاً على الطريق
السبت 10-3-2012
ياسين رفاعية

منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية إلى اليوم حافظت بريطانيا على عدد سكانها، لم ينقص ولم يزد «ستون مليون مواطن» إذ حرصت هذه الدولة على مر العقود على تحديد النسل بشكل صارم،

إن بالمساعدة الاجتماعية أو الصحية أو حتى بناء المنازل التي يحدد عدد غرفها غرفة للزوجين وغرفة لولدين وغرفة صغيرة لخادمة أو ضيف طارئ.‏

وبهذه الطريقة يتحدد النسل تلقائياً، فالمساعدة الاجتماعية مثلاً تحدد لولدين وكذلك الضمان الصحي، هذا مثل عكس الهند التي قارب عدد سكانها المليار من بينهم سبعة ملايين من دون مأوى يعيشون في خيام متنقلة على ضفاف الأنهر.‏

حاولت الهند منذ استقلالها أن تحد من التناسل دون جدوى، فانتقلت من ثلاثمئة مليون في منتصف القرن المنصرم إلى مليار عام 2010، رقم مرعب في سرعة نمو السكان.‏

أما مصر التي شارف عدد سكانها اليوم الثمانين مليوناً فكانت في الخمسينيات من القرن المنصرم نحو 17 مليوناً، والآن نحو مليونين من السكان يسكنون بالمقابر لم تستطع الحكومة توفير مساكن لهم، وهم يتكاثرون اطراداً ، فقراً مدقعاً وإنجاباً رغم هذه الحالة المزرية.‏

الدول الراقية غير بريطانيا أعطت هذه المشكلة اهتماماً كبيراً ودراسات مستمرة ومخططات تلجم النمو السكاني لتحافظ على حالة ثابتة لهذا النمو، كي توفر لمواطنيها الحياة الفضلى وتقضي على حالات الفقر بين مواطنيها (الدول الاسكندنافية مثلاً).‏

سورية بلدنا، هي هنا بيت القصيد في منتصف الخمسينيات وفي الأيام الأولى للاستقلال كان عدد سكان دمشق ثلاثمئة ألف وحلب نحو مئتي ألف، ثم أخذ العدد يندفع كثور هائج، ليصل هذه الأيام إلى حد الكارثة: دمشق خمسة ملايين إنسان وحلب العدد مقارب نحو أربعة ملايين والوطن كله ثلاثة وعشرون مليوناً عام 2010.‏

هذه كارثة بكل معنى الكلمة، فلدينا وزارة للإسكان، وأعلنت قبل أيام أن هناك في دمشق وحدها عشرة آلاف شقة فارغة.. لكن من الصعب على المواطن العادي أن يشتري إحداها لارتفاع ثمنها المبالغ به.. في حين أن البطالة مرتفعة جداً في بلدنا.. هناك الألوف بل الملايين من السوريين هاجروا إلى بلدان أجنبية وفرت لهم العمل والإقامة وهناك المئات يتسولون على أبواب السفارات لمنحهم سمة دخول إلى «جنتهم المبتغاة» وأسأل لماذا؟‏

التقيت بالمصادفة في مطار هيثرو بلندن بشاب في الثلاثين يعمل منظفاً لحمامات وتواليتات المطار الأشهر في العالم، وأنا أضع بيده جنيهاً انتبهت أنه سوري، ففجعت وسألته، قال لم يجد عملاً في وطنه، فهاجر إلى عدة بلدان أوروبية يفشل هنا ويطرد هناك، إلى أن وفق بهذه الوظيفة المهينة التي توفر له البخشيش أكثر من المعاش الذي يتقاضاه كي يتابع دراسته الجامعية التي يأمل أن يصبح فيها مهندساً في علم الذرة ليعود ويخدم وطنه.. وقس على ذلك آلاف السوريين مشردين في الغرب بحثاً عن لقمة العيش.‏

هذا عيب.. عيب جداً‏

تقول الحكومة إنها قدمت خطة خمسية اجتماعية اقتصادية تربوية لإيجاد فرص عمل للمتعطلين . لكن لم ينفذ من هذه الخطة إلا النزر اليسير.‏

كل ذلك سببه الانفجار السكاني، نتذكر أن دمشق الخمسينيات كانت تشرب من نبع واحد اسمه «نبع الفيجة» صارت لا تكفيها الآن كل الينابيع المحيطة بها، حتى نبع بردى الشهير الذي قيلت به القصائد لمعظم الشعراء وهاهو الآن مجرى من دون ماء.‏

هل من حل على المدى المنظور؟‏

الحل بخطة خمسية في موضوع واحد هو تحديد النسل من الآن لئلا نصل إلى حالة أشبه بحالة الهند التي يموت معظم مواطنيها من الفقر والجوع ولا تؤويهم سقوف بيوت، ولا حتى خيمة على ضفاف الأنهر، مثلاً كتبت إحدى الصحف المحلية في مدينة مومباي الهندية (التي من خارجها رخام ومن داخلها سخام) يبلغ عدد أطفالها الفقراء الذين يعيشون من دون مأوى مليونا و 700 ألف طفل، وحسب معايير الأمم المتحدة فإن هؤلاء يعيشون معيشة غير مطابقة للمعايير الإنسانية، وهناك محاولة لتدبير بيوت خشبية مساحتها نحو عشرين متراً مربعاً للواحد لإيواء خمسة عشر طفلاً فيها، يعني زنزانات سجن وليست بيوتاً.‏

الحمد لله، في سورية لم نصل إلى هذا الحالة، ولكن من دون تخطيط وتحديد نسل سوف نصل إلى هذه الحالة في المستقبل ويصبح عدد الجياع كبيراً جداً.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية