في أن هذه المحنة تشكل منحة للآخرين الذين يوظفون أيام الشدة لاستجرار مزيد من المال لجيوبهم أو صناديقهم.
وقال البوطي في خطبة الجمعة ان هناك أقواتا أنبتتها أراضينا بفضل وانعام من الله أو حاكتها وأبدعتها أيدي أشخاص من أمتنا ولم تستقدم من الخارج ولم تستجر من بلد عدو ومع ذلك هناك من يتعامل معها على أنها بضائع خارجية مشيرا إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا المقام بأن من لا يرحم لا يرحم وأن التراحم هو لحمة سعادة الامة.
وحذر البوطي من ممارسات بعض التجار الذين يلملمون الاقوات من الاسواق كلها ويبتاعونها من تجار الجملة حيثما وجدوا ليدخروها ويحتكروها ويتربصوا بها الغلاء بدلا من أن يقدموها للمحتاجين مستغربا أن كثيرا من هؤلاء يزرعون الطريق إلى مكة والمدينة ذاهبين ايبين في كل عام عدة مرات ومنهم من يصلون ويصومون ولعلهم لا يعلمون بأن الدين انما هو المعاملة.
وبيّن البوطي أن البعض يجعل المحنة التي تمر بها البلاد خانقة عبر ممارساته في مجال القطع أو النقد الاجنبي اما بالتهريب إلى من ينفخون في نيران الحرب والعداوة والبغضاء ليتمتعوا بها كأرصدة في بلادهم أو عبر اخفاء هذا القطع ليصار إلى رفع سعره لا بشكل طبيعي ضمن العرض والطلب ولكن في سياق هذا التخطيط الاجرامي.
ونبه البوطي إلى أن استمرار البعض في هذا النهج الظالم سيؤدي بالبلاد نحو الانقسام لقسمين الاول يمثله الاغنياء المترفون ودأبهم أن يستجروا المال من جيوب الفقراء الذين يجمعون قروشهم وليراتهم بعرق جبينهم ليدخروا المزيد ثم المزيد والثاني يمثله الفقراء وهذا من شأنه أن يجعل هذه المحنة تذهب لتقبل الينا أخرى.
وقال البوطي ان من هؤلاء من يضيقون ذرعا بكلامي كما ضاقوا ذرعا من قبل ولعل الواحد منهم يتمنى لو أطربته بالحديث عن أخطاء الدولة ونقد المسؤولين بدلا من الحديث عن نقائصهم وما أذكر به وان القلب ليعتصر ألماً من هذا ولعلي لو فعلت ذلك لعددت بنظرهم من الابطال وممن حققوا الجهاد الاعظم الذي يتمثل بكلمة حق عند سلطان جائر ولكني أقول ان كلا من المنطق والشرع يقول لنا لكل مقام مقال.
وختم العلامة البوطي بالقول ان هذه المحنة ما وفدت الينا الا وفي داخلها نعمة فكل ما يأتي من عند الله خير ولكنه اما أن يكون خيرا ظاهرا أو مقنعا وان من مظاهر الخير الكامن بهذه المحنة التي هبت لتثبت أن الله أنقذ كثيرا من الناس إلى الحق بعد الضياع وألهم كثيرا من التائهين للتوبة بعد شروط وأنه أصلح كثيرا من أمورنا بعد انحراف.