يركز على هذا المكان دون ذاك، وإذا ما أخذنا على سبيل المثال مفهوم صراع الأجيال كما يحلو للبعض أن يسميه كبديل عن تواصل الأجيال نجد حيزاً واسعاً من الجدال والنقاش والأخذ والرد حتى في المحافل الدولية لم تسلم هذه المنابر من توصيف حال الشباب في العالم العربي من جهة والشباب في الدول النامية الأخرى والمتقدمة، فكانت المانشيتات العريضة بين مؤيد ومعارض تبدأ بكثير من التفاصيل المتنافرة والمتقاربة، لدرجة أن الرؤية العامة بدأت تفرز كلمات تحض على أن الأب والأم والجد والجدة هم من جيل آخر حسب رؤية البعض وهذه مفردات وتعابير ما أنزل الله بها من سلطان في محاولة مقصودة أو غير مقصودة لتوسيع الفجوة في نسيج الأسرة العربية بشكل عام والسورية بشكل خاص هذه الأسرة لعب بعض الإعلام والمواقع الالكترونية على تحريض الشباب والأبناء على التمرد عبر دعوات الانفتاح والحرية المزيفة المتفلتة من عقالها الأدبي والأخلاقي
وتحت مسميات مختلفة، وعلى ما يبدو فإن هذا الجانب هو جزء من الحملة على سورية وشعبها وشبابها الرائع الذي صعب على عقولهم وأدواتهم وأفكارهم السامة أن تنحو به إلى القارب الآخر وفي الضفة الأخرى. لأن الأساس في أركان التربية هي الأسرة التي تعتبر في قاموس الفكر والأدب وعلم الاجتماع الخلية الأولى واللبنة الأساسية في تربية النشء واحتضانه وتوجيهه لتأتي بعدها مرحلة المدرسة التي تتعاطى مع الأبناء والشباب بمزيج من العنفوان والكبرياء وقبلها التعليم والتعلم المغروس بنهجه وفكره وبرامجه التي توازن بين نهل المعرفة وغرس قيم المحبة والأخلاق والتضحية حفاظاً على الوطن والأرض والشعب.
وهذا ما أثبته شبابنا في جميع محطات النضال التي مرت بها سورية سواء على الصعيد الوطني او المطلبي وغيره فكانوا الشعلة في الصفوف الأولى والشمعة التي تحترق لإعلاء بنيان الأمة وجنود مجهولين ومعلومون في آن معا سلاحهم القلم والدفتر والكتاب والحاسوب، لم يطلب منهم أحد أن يفعلوا كذا وكذا لكن وعيهم وحسهم الوطني العالي وحبهم لهذا البلد الذي يتعرض لأشرس المعارك المتعددة الأدوات المادية والمعنوية، جعلهم في المقدمة مع بقية فعاليات المجتمع الأخرى ليحصدوا نتيجة رائعة من حيث كشف آلاف مدونات التزوير والتضليل عبر صفحات الفيس بوك. ولم يكتفوا بذلك بل استطاعوا اختراق مواقع حساسة جداً لشخصيات سياسية ورجال أعمال داخل الوطن وخارجه ومواقع محطات وفضائيات ما فتئت تحريض وتبث سموم الفتنة، وبالتالي فإن من يمتلك هذه القدرة على البحث والتمحيص والتدفيق والتميز لابد أنه شباب منتصر .
وبالعودة إلى مفهوم الصراع أو التواصل فإن كثيرين من أصحاب الرأي يفضلون البحث عن آليات التواصل والتماذج والاقتراب والتكامل ولا سيما أن بعض المفكرين يتوقعون عبر الزمن التراكمي الكمي لهذا الفكر التربوي التقدمي أنه سيخلق جيلاً ربما أكثر انفتاحاً وتشدداً في آن معا، وهنا يشدد الدكتور سليمان فرح المطلق معاون وزير التربية على أهمية أن تقوم التربية كوزارة ومؤسسات بتربية ذهن الطفل وكذلك الأسرة التي ستعلمه وتفتح لهؤلاء الأبناء باب الحوار والمناقشة مع الأسرة بحيث تتشكل لديهم منظومة فكرية مؤمنة بأهمية العمل والتفاعل على الأرض بشكل صحي وإيجابي .