لذلك حاولت ندوة دمشق الدولية الثانية للصحة النفسية والتي أقيمت في قاعة رضا سعيد للمؤتمرات أن تسلط الضوء على بعض الحالات منها الاضطرابات المعرفية عند المسنين والاضطراب الاكتئابي وطيف التوحد والصحة الجسدية للمصابين بأمراض نفسية، وكل ذلك من خلال نظرة مسندة بالبراهين والمرشدات...
الخرف يزداد انتشاراً
الدكتور رضوان عبد العال- استشاري أمراض نفسية من المملكة المتحدة أشار إلى مرض الخرف وعرفه بأنه حالة مكتسبة تسبب إعاقات معرفية متعددة ذات شدة كافية التأثير سلبياً على نشاطات الحياة اليومية للفرد، ويعد ضعف الذاكرة من أكثر هذه الإعاقات شيوعاً، إضافة إلى العديد من الوظائف الأخرى التي تتأثر أيضاً في الغالب، ومن هذه الوظائف اللغة والأداء والحس البصري والوظيفة التنفيذية، وهي أكثرها ملاحظة، ومع زيادة الضعف الوظيفي تزداد صعوبة القيام بنشاطات الحياة اليومية، وتبدأ عظم الأمراض المسببة للخرف بداية مخاتلة (تدريجية) وتتبع مساراً متزايداً لايتباطأ، وكثير من هذه الأمراض ما يستمر مدداً طويلة قد تتراوح بين خمس إلى عشر سنوات منذ وضع التشخيص ويتصف بمرحلة نهائية متطاولة، يفتقد فيها المريض القدرة على العناية بنفسه، كما يفقد إمكانية الاستقلال بشؤونة، وبذلك يلقي الخرف بعبء ثقيل على المرضى وعلى أسرهم ومن يعتني بهم، وعلى المجالين الصحي والاجتماعي عموماً.
والأسباب الرئيسية للخرف هي أمراض يزداد معدل وقوعها بزيادة العمر، ولهذا يتوقع زيادة معدل انتشار الخرف، وزيادة في تكلفته على المجتمع خلال العقود القادمة.
ولفت د. عبد العال إلى أن السنوات الماضية شهدت تطورات في تشخيص الخرف وفي علاجاته بالأدوية المضادة للخرف وبتدبيره في كل من قطاعي الرعاية الصحية الأولية والثانوية في محاولة الوقاية منه، وقد نتج عن ذلك إصدار العديد من الدلائل الإرشادية في دول متعددة.
الاكتئاب من أسباب الإعاقة
وفي نظرة مسندة بالبراهين للاضطراب الاكتئابي، أشار الدكتور رضوان الخياط- استشاري الطب النفسي- بريطانيا، إلى أنه اضطراب شائع يصيب قسماً كبيراً من الناس في كل المجتمعات في أرجاء العالم كافة، ويتظاهر بانخفاض المزاج وفقدان المتعة والاهتمام وبضعف الحيوية والحافز، ويعاني المصاب من أفكار سلبية مرضية وشعور بالذنب وانتقادات الذات، إضافة إلى ضعف التركيز واضطراب النوم والشهية والطعام والرغبة الجنسية، وقد توجد أفكار كارثية، ويقدر الانتشار الحياتي حسب منظمة الصحة العالمية حوالي 12.1٪ ويبلغ معدل المعاودة بعد الهجمة الأولى 50٪ ويزداد هذا المعدل بعد الهجمة الثانية ويعاني 10٪ من مرض مزمن لا يهجع
ونوه د. الخياط إلى أن الاكتئاب من أهم أسباب الإعاقة في العالم ، فهو يجرد البشر من قدرتهم على العمل والتمتع بالحياة ويزيد من احتمال إصابتهم بالأمراض، ويترافق بتغيرات. دماغية تشريحية ووظيفية، وهناك علاجات فعالة للاكتئاب، لكن لا تزيد نسبة الذين يستفيدون منها عن 25٪ من المصابين و أقل من 10٪ في بعض البلدان، ويجب أن يهدف العلاج إلى تحقيق الهجوع(زوال كافة الأعراض والإعاقة المرافقة) وليس فقط تحقيق الاستجابة، أي خفض الأعراض بنسبة50 ٪.
اضطراب طيف التوحد
وعن تدبير اضطرابات طيف التوحد، تحدث الدكتور خالد سلطان- استشاري الطب النفسي من بريطانيا، فأشار إلى أن اضطرابات طيف التوحد تتألف من ثلاثة مظاهر جوهرية وهي خلل في التفاعل الاجتماعي وشذوذات تواصل تشمل تأخر واختلال اللغة والكلام النمطي والتخيل والإبداع، واهتمامات محدودة مكررة ومحصورة، وبدء هذا الاضطراب هو عادة قبل الثالثة من العمر، ويمكن للتحسن مع العمر أن يكون ناجماً عن تغيرات تطورية طبيعية وتأقلم متعلم معارض وبيئة أقل تحدياً، وتشتمل الاضطرابات التطورية على الاضطراب الوسواسي القهري، واضطراب خلل الانتباه وفرط الحراك، واضطراب طيف التوحد والصرع.
الصحة الجسدية للمرضى النفسيين
ومن المعروف منذ زمن طويل أن الحالات النفسية تحمل خطر الموت المبكر، فحسب براون، قدر أوجين بلويلر أن معدل الوفاة في الفصام هو أعلى بـ4،1 ضعف المعدل المتوقع، وذلك لأسباب عديدة أشار إليها الدكتور أحمد شوكة- استشاري الطب النفسي- بريطانيا في ورقة العمل التي قدمها عن مناظرة الصحة الجسدية للمصابين بأمراض نفسية شديدة، فالعمر المتوقع لمرضى الفصام هو أقصر بـ20٪ من المتوقع للجمهرة العامة، وهم أكثر تعرضاً لأمراض متنوعة تشمل الداء السكري والداء الإكليلي وفرط التوتر الشرياني والبدانة وانتفاخ الرئة، ومن العوامل المؤدية إلى وفاتهم عوامل سلوكية مثل تعاطي الكحول والعقاقير والتدخين وقلة التريض وعدم الاهتمام بالحمية الغذائية،فالمرضى النفسيون يدخنون ضعف ما تدخنه الجمهرة العامة, ويزداد وزنهم بسبب حياة الخمول وغنى طعامهم بالدهون وعوزه للألياف، إضافة إلى زيادة الوزن المكتسبة بتأثير مضادات الذهان اللانموذجية، ما يرفع احتمال طلبهم لإيقاف العلاج 13 ضعفاً، ويزيد عدم متابعتهم للعلاج 3 أضعاف.
وأكد د. شوكة أهمية مناقشة عوامل الخطر التقليدية للمرضى المصابين بالفصام واتخاذ التدابير لانقاص هذه المخاطر، والتدخل المبكر عند حدوث اختلاطات طبية، والاهتمام الكافي من العاملين في الرعاية الصحية ببرامج الصحة النفسية وفي الرعاية الأولية وتأمين خطة شاملة ومشتركة وعيادات مراقبة وزن وعيادات مراجعة ومداواة للمصابين بأمراض نفسية شديدة من أجل شفائهم وتحقيق نوعية حياة أفضل.