تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


د. حسين جمعة رئيس اتحاد الكتاب العرب: صيحـــات الحقــد والكراهيـــة لـن ترعبنـــا

ثقافة
الاثنين 2-5-2011
فاتن دعبول

لايزال التاريخ يسجل في أوراق نهضته مواقف لأدباء ومفكرين استطاعوا أن يحققوا نقلة نوعية لمجتمعاتهم بما يحملون من فكر نير وأفق يتطلع دائماً إلى خلق الوعي المجتمعي لدى الشعوب كلها.

وها هم يهبوا الآن وقد بدأت الفتنة تتسلل إلى صفوف المجتمع ليكونوا صوت الضمير والحق والصوت الحر الذي يعمل على دحض الحقد والكراهية وليجمعوا أبناء جلدتهم على نصرة الوطن والذود عنه.‏

د. حسين جمعة رئيس اتحاد الكتاب العرب يقول:‏

ما من إنسان عاقل يشاهد ما يجري من موت متنقل في ربوع سورية وما ينتج من الفتنة المتعطشة للدماء والخراب إلا تنتابه لحظات الدهشة والاحتراق والانكسار.. فلعبة القتل الكريه لوثت أرض التآخي والمحبة والتسامح فراحت تصرخ كل ذرة فيها بالنحيب المخنوق وترجع آلامها وأحزانها على بنيها الذين جفت دموعهم في مآقيهم.‏

ما أقسى أن نرى الأحبة والأصدقاء يغادروننا على غير موعد وبغير حق وقد أصابتهم أيادي ذوي القربى، فنشرت اللوعة في الفؤاد والفاجعة في نبض القلوب المفطورة.‏

لقد ضج كل ما في الوجود لأن الموت نصب مقصلة اغتيال كل ما هو جميل في حياتنا وصار التمثيل بالأجساد أشبه بالطاعون الذي شوه بياض الصبح وصفاء البهاء. لقد انتهك كرامة الحق والحقيقة.‏

رحل الشهداء إلى عالم الأبدية بعد أن ذبح الأخ أخاه واختنق الصديق بخوفه على صديقه وصلينا جميعاً صلاة الغائب ورحنا نلعن في سرائرنا الشيطان الرجيم الذي بذر الشقاق والنفاق وأعمى البصر والبصائر وأنشب أظفاره القاتلة في رؤوس قوم ارتكسوا إلى دياجير المذهبية والطائفية فضلوا وأضلوا ولاسيما حين رفعوا شعارات الحرية والعدالة الاجتماعية وكل منا يعشقها.. نزفت العقول والأجساد دماءها حين اغتصبت القيم النبيلة والأخلاق الحميدة التي ضفرتها جدائل الزمن بين أبناء الوطن الواحد على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم وأعراقهم..‏

اختطف الحقد والكراهية نفوس عدد من خفافيش الليل وأشباح الظلام الذين تكاثروا لينشروا كل أشكال الانشطار الطائفي والتشظي المذهبي والتمزق العرقي مغررين بالأنقياء الأصفياء من شبابنا الحر.. رافضين كل نمط من أنماط الحوار وكل مبادرة من مبادرات الإصلاح ولو جاءت من أعلى السلطة تحت حجة عدم المصداقية وفقدان روح الثقة التي عملوا على زرعها في جنبات الحياة...‏

لقد قدر على سورية أن تدفع فاتورة مواقفها الوطنية والقومية الأصيلة.‏

فكذا دفعونا إلى استعادة الحقيقة المرة والمذلة، حقيقة انتفاضة الذات على الذات والوطن على الوطن لأنهم أمعنوا في إشعال نار الفتنة.. الفتنة التي قادتها الصهيونية والإدارة الأميركية منذ القرن العشرين في المنطقة برمتها ورسمت سياسة (الفوضى الخلّاقة) لتنفيذها بعد احتلال العراق عام 2003م ولاسيما حين أثارت الضغائن بين العراقيين على أساس عرقي إثني وطائفي ومذهبي وكذا جاءت حكومته.‏

وقد تعهدت بتنفيذ الفتنة الطائفية والمذهبية في سورية بوساطة الحرب الناعمة والخبيثة من دون ضجة أو صخب فعمدت إلى شراء بعض النفوس الضعيفة تحت شعار إشاعة الحرية والديمقراطية واستأجرت لذلك قنوات فضائية تنتمي إلى العربية -وهي منها براء- فضلاً عن القنوات التي زرعتها في الأرض العربية.‏

وتعهدت الدوائر الغربية والصهيونية بالاقتصاص من سورية قيادة وشعباً لمواقفها البطولية في حرب تموز 2006م والحرب على غزة في 2008- 2009م وطفقت تتربص غدراً باستقرار سورية وأمنها أغاظها أن تمتلك سيادتها وتحرر قرارها السيادي من التبعية لتلك الدوائر حتى إذا وقع الخطأ في درعا بادرت إلى تسلم زمام الفتنة وطفقت تنفخ فيها لاعبة على ذوي النفوس الجريحة وقد ضاقت الأرض بها حزناً وأسىً ناهيك عن استغلال مطالبها المشروعة فوقع المحظور دون أن تتدبر هذه النفوس المراد إذ انحرفت الأحداث عن مجراها الطبيعي وخاصة حين أطلقت بعض الدعوات إلى الجهاد فأي جهاد هذا الذي تتبناه الفتنة المتنقلة؟ كنت أظن أنه جهاد ضد الكيان الصهيوني الذي أذل العربي والمسلم بل العالم كله وهو الذي دنس المقدسات وهود الحجر والشجر والبشر وأحرق القرآن الكريم واعتدى على كنيسة القيامة وكنيسة المهد.‏

ويا للأسف إنه جهاد ارتفع من بعض المآذن ضد أبناء الوطن، الوطن الذي حمل على عاتقه عبء الوعي الحضاري بالأمة ومكوناتها وما زال يحمل مسؤوليته القومية والخلقية تجاه ما يترتب عليه.‏

ولا يسعني إلا أن أتوجه إلى الجميع لكي يعودوا إلى ضمائرهم لينزعوا ما في نفوسهم من غل وأن يجلسوا في مواجهة بعضهم بعضاً على سرر متقابلين يحاور بعضهم بعضاً للوصول إلى ما فيه خير البلاد والعباد.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية