ولكنه لم يحقق الأهداف الكاملة منه، هذه حقيقة لا ننكرها وذلك لأسباب بعضها موضوعي ويعرفها المواطن السوري أكثر من غيره ، ونحن لا ننكربأن الحراك الشعبي السوري الذي ظهر مؤخرا بعد أن تأثر بالموجة التي أصابت بعض الدول العربية، ساهم بشكل ما بتسريع حركة قاطرة الإصلاحات وشد من عزيمة القيادة على تنفيذها بالسرعة القصوى، ليأتي في مقدمتها تشكيل الحكومة الجديدة بما تمتلك من كفاءات وخبرات إدارية واقتصادية كفيلة بتجاوز أي عقبات يمكن أن تواجه مسيرة الإصلاح، وإننا على يقين بأن النتائج ستكون على مستوى الطموح وفي زمن قياسي، خاصة بعد أن تسلحت الحكومة الجديدة بتوجيهات قائد الوطن السيد الرئيس بشار الأسد الذي حملها الأمانة مرفقة بالدعم اللازم للنجاح، على أن تكتمل المعادلة بالمراقبة والمحاسبة، وهنا إشارة لا تقبل إلا تأويلاً واحداً هو : إن الفشل في تحقيق الهدف ممنوع على كافة الصعد، وإن هموم المواطنين ومطالبهم وتأمين حاجياتهم هي أولى هذه الأهداف في أجندة الحكومة للفترة القريبة القادمة.
السؤال الذي يفرض ذاته في ضوء ما تم إقراره سياسياً واقتصادياً وهو ليس قليلاً: لماذا التظاهر بعد ذلك؟ وما علاقة ما يجري على الساحة السورية بالمطالب الإصلاحية التي أقرت؟ ولماذا كل هذا التجييش الإعلامي المفبرك ضد سورية؟
وأسئلة كثيرة أخرى تدور في الشارع السوري؟
قد لا تسمح لنا هذه المساحة الضيقة بالإجابة على كل هذه الأسئلة وغيرها، لكن الأمر المؤكد أنه لا يوجد ما يبرر الخروج بتظاهرة بعد كل هذه الإجراءات ، ومن يخرج تحت أي مسميات هو شريك في مؤامرة كبيرة تتعرض لها سورية، كان قد خطط لها بعناية من قبل أعداء الأمة وأعوانهم في المنطقة، وهنا يؤكد المحللون بأن سورية تدفع ثمن مواقفها الصلبة في دعم المقاومات العربية ابتداءً من فلسطين إلى لبنان والعراق وغيرها، لكن المثير في الأمر هو تداخل الأوراق وتشابكها إلى درجة أربكت المراقبين أنفسهم، فمن كان مناضلاً وصاحب فكر تبين أنه ليس أكثر من أداة رخيصة تمت تهيئته لهذه اللحظة، وغير ذلك من المواقف الأخرى التي فجرت مفاجآت سياسية لم يكن أحد يتوقعها!
هناك حقيقة يجهلها أعداء سورية وربما البعض ممن كانوا يدعون صداقتها، بأن سورية قوية بشعبها وباقتصادها ومتماسكة وقادرة على تجاوز الأزمة مهما كان حجم الدعم الذي يقدم لهؤلاء الأدوات المغرر بهم، في الوقت الذي تحرص فيه سورية وقائدها على تحصين منطقة الشرق الأوسط وتوحيد قواها السياسية والاقتصادية من خلال الأفكار الخلاقة التي طرحها السيد الرئيس بشار الأسد في أكثر من مناسبة لمواجهة مشروع استعماري كبير كان يستهدف منطقة الشرق الأوسط برمتها وقد انتصرت سورية في هذه المعركة، وبالرغم مما صدر عن بعض الدول في المنطقة من مواقف داعمة ومبطنة نجد أن سورية لم تزل تتمسك بخيوط حسن العلاقات حرصاً منها على حماية المنطقة من أي انتكاس يضر بمستقبل المنطقة ، لكن بعض الجهات التي لم تتمكن من الإفلات من العباءة الأميركية والغربية رأت في إغراق سورية بأزمة داخلية وسيلة مناسبة لإنقاذ ما بقي من مشروع المحافظين الجدد الذي اعتبره الشعب العربي أصبح من ذاكرة التاريخ المنسية.
من المستغرب والمستهجن ما صدر عن رئيس الولايات المتحدة الأميركية« باراك أوباما» كرئيس لدولة عظمى تعنى بالحرية والديمقراطية الذي انقلب على قناعاته واستسلم لضغوطات الحركات الصهيونية، متناسياً أن سورية دولة حرة مستقلة وبالتالي لا يحق لأوباما أو لأي كان في هذا العالم أن يحدد للشعب السوري ما يريده وأين تكمن مصالحه، لأن شعب سورية واع لمصالحه ولديه قيادة حكيمة تعالج الأزمة بعيداً عن الانفعال، وإن السيد الرئيس يحرص كل الحرص على توحيد الآراء والمواقف الشعبية تجاه آلية الخروج من الأزمة بما يحقق الأمن والأمان لسورية ووحدة شعبها وجيشها الصامد المدافع بقوة عن المنجزات التي بناها بعرقه وجهده وستحميها دماء الشهداء البررة من كل معتد آثم.
Email:m.a.mustafa@mail.sy