لعل أهمها ما يتعلق بمصر الشقيقة التي كانت غائبة ومغيبة عن مسرح هذا الصراع التاريخي، فبفضل هذا الاتفاق سجلت القاهرة(إحدى أهم عواصم التاريخ العربي إلى جانب دمشق وبغداد) عودتها للعب دورها الريادي في المنطقة، بعد أن نفضت عنها غبار سنوات طويلة من الارتهان للمشروع الصهيوأميركي.
ومن الدلالات أيضا إدراك فصائل المقاومة الفلسطينية أن لا خيار أمامها سوى العودة إلى الوحدة والحوار، عوضا من الانقسام والقطيعة اللذين كادا يقضيان بشكل كامل على طموحات الشعب الفلسطيني بالتحرر من نير الاحتلال الإسرائيلي، واقتناع هذه الفصائل بحتمية الاتفاق على برنامج وطني شامل يراعي مصالح الشعب ويحفظ حقوقه وخاصة ما يتعلق بالمقاومة كحق مشروع وخيار وحيد لاستعادة الأرض، ولا سيما بعد أن سقطت كل خيارات التسوية والمفاوضات على طاولة المراوغة الإسرائيلية والانحياز الأميركي.
كذلك عكس الاتفاق رغبة الأكثرية الساحقة من الشعب الفلسطيني الذي كان لتحركاتها الفاعلة على الأرض، الدور الأبرز في الضغط على القيادات في الضفة والقطاع لكي تتحرك بشكل جاد وعملي على طريق المصالحة، وهذا يعطي الاتفاق شرعية شعبية تحميه وتحصنه من محاولات التشويش والتهديد الأميركية الإسرائيلية المستمرة.
ورغم أن الاتفاق جاء في جو من الضباب السياسي الذي يلف المنطقة، إلا أنه يشكل بارقة أمل عربية كبيرة، وما من شك أن تجاوز بعض الدول العربية لأزماتها وخاصة سورية التي كانت صاحبة الفضل الكبير في الوصول إلى هذا الاتفاق، سيعيد للقضية الفلسطينية حيويتها ويضعها في المقدمة بعد أن طفت على السطح قضايا مفتعلة غايتها إشغال العالم العربي عن العدو الأول للأمة العربية الذي يواصل تحديه وتطاوله على الشرعية الدولية وحقوق الإنسان بدعم لا حدود له من الدولة التي تنتهك حقوق الإنسان في كل مكان على وجه الأرض ثم تنصب نفسها الراعي الأوحد لهذه الحقوق في تزييف وتزوير واضحين لإرادة العالم وتطلعاته.