على الشباب، ويبقى الاختلاف في كيفية تطبيق هذه الطقوس، ففصل الصيف له
خصوصية تميزه عن الفصول الأخرى، فالأغلبية يعتبره شهر الراحة والاستجمام، لكن
بالرغم من هذه الخصوصية لا بد من الانتباه كي لا يشكل الفراغ الذي تتيحه الإجازة
غشاوة أمامنا، فلا يتم توجيه الطاقات في الإجازة الصيفة بالاتجاه الصحيح.
وربما يفرض هذا الفصل معادلة صعبة في أن يمضي الشباب وقتهم بالمشاركة والمساهمة
في أمور تفيدهم وتفيد مجتمعهم بأسلوب ترفيهي، وبين إهدارهم للوقت فيما لاطائل
من ورائه ولاعائد. ولتحقيق هذه المعادلة يتوجب التعاون بين العديد من الجهات
الرسمية والأهلية لتوعية الشباب على كيفية استغلال وقتهم بالشكل الأمثل.
ولابد لنا، ونحن في الإجازات الصيفية أن نمعن التفكير جيداً في الكيفية التي من
الواجب على شبابنا أن يقضوا أيام إجازاتهم على منوالها، وهي مسألة موجودة بشكل
واضح على سلم الأولويات الرسمية والأهلية في بلادنا من خلال البرامج الصيفية
والأنشطة المتعددة التي أصبحت تزخر بها النوادي والجمعيات والمدارس.
ملحق شباب استطلعت آراء بعض الشباب في طرطوس حول كيفية تمضية العطلة
الصيفية ووقت الفراغ وخصوصاً «طلاب الجامعة».
- رأيهم
أمجد طالب جغرافيا سنة ثالثة يقول :إن الشباب يشتكون نتيجة كسلهم من وقت
الفـــراغ وخصوصا في الصيف، وفي الوقت ذاته يلقون اللــوم على المجتمع
والأســرة دون أن يلتفتوا لأنفسهم، إنه بإمكان أي مّنا قضاء وقت فراغه بما يدّر
عليه الفائدة والربح.
وأضاف: إن الدولة شيدت الأندية والمراكز العلمية والترفيهية على الرغم من مستواها
المتواضع، فمثلا انا من ريف محافظة طرطوس وقد تكون فيها المراكز الترفيهية قليلة او
شبه معدومة لكن نتكلم على مستوى سورية، وبرأيي أن يتوجب على كل شاب أن
يعرف هوايته أو ميوله ويسعى إلى تطويرها بما هو متــاح له من خلال مرافق
الـدولة أو داخــل الأســرة وأن يعمل بجــد، لكن للأسف عندما يحين
وقت العطلة أغلب الشباب يكون همهم هو النوم فقط.
أما علاء يوسف طالب تربية سنة رابعة بدأ حديثه بمثل يقول: الكساد يعلم الفساد، أي
الفراغ يعلم الشخص أشياء تضر أكثر مما تنفع، ويرى أن العبء الأكثر يقع على
الأسرة فيجب مساعدة الأولاد في معرفة كيفية الاستفادة من أوقات الفراغ وخصوصا
في الصيف في شيء مفيد مثل القراءة أو ممارسة الرياضة أو الخروج لأحد الأماكن
الترفيهية المفيدة أو ممارسة الهوايات وتنميتها.
ولاء سنة رابعة تربية علم نفس توضح أن العطلة الصيفية ووقت الفراغ خطرعظيم
ونتائجه غير محمودة ولكن متى ينشأ الفراغ وكيف نحس بالفراغ؟؟، وأنا لست
متخصصة ولكن سأتحدث من واقعي حيث لا وجود للفراغ في حياتي الا عندما أقرر
ذلك، عندها سيمتد الوقت طويلا ليكرر نفسه، إذاً الفراغ منشأه نفسي يتم عندما
أترك كل مسؤولياتي جانباً وأغفل عن قيمة الوقت، وأغلب من يعاني من الفراغ يكون
منعزلا ويشعر بالملل، فالحديث هنا لا يدعو إلى الفراغ وإنما يدعو إلى استثمار الفراغ،
فمشاغل الدنيا تلهي بعضنا عن كثير من الواجبات.
سرور، متخرجّة أدب عربي تقول: منذ تخرجي كنت في البداية أشعر بالفراغ لكني
فكرت أن أستفيد من هذا الوقت فقررت أن أقوم بدورات كمبيوتر لأنه لغة العصر،
كما أن تعلم اللغات مهم جداً.
حاتم عبد اللطيف طالب جامعة سنة ثانية طب بشري يقول: أشعر أن وقت الفراغ يأتي
بعض الأحيان خوفاً من تحمل المسؤولية، وكل إنسان منّا لابد أن يكون له وقت
فراغ، لكن السؤال نحن كطلاب جامعة مثلا نعتبر وقت الفراغ جزءاً من الراحة فقط،
والسبب ببساطة أننا بعد نهاية كل عام نكون قد خرجنا من معمعة الامتحانات والمناهج
الطويلة التي تستغرق دراستها العام بأكمله ودون أي إجازة، لذلك نريد أن يكون
وقت الفراغ في عطلتنا الصيفية وقت راحة ليس إلا.
أما عبد الكريم، طالب سنة ثانية تربية معلم صف يقول: أحمِّل جزءاً من مسؤولية
التقصير بموضوع تمضية وقت الفراغ لإدارات الجامعات والمدارس فلماذا لايتم
استمرار التنسيق بين طلاب الجامعات وإدارتها عبر تنظيم دورات ترفيهية أو تعليمية
حتى لايضيع طلاب الجامعة أو حتى المدارس أوقاتهم دون معنى، وفي الوقت ذاته تبقى
الصلة بين الجامعة والطلاب مستمرة حتى لاتنقطع نهائياً بنهاية العام الدراسي.
في جميع المجالات
فإذا طرحنا سؤالا عن المجالات المتوفرة حالياً والتي يمكنها مساعدة الشباب في تمضية
وقت فراغ مفيد؟ نجد أولها المجال الرياضي وهذا ما بينته الدكتورة، علم الاجتماع ايمان
حيدر وهو مجال متاح ومتعدد لاستثمار طاقات الشباب، فالألعاب الرياضية منتشرة ولم
تعد مقتصرة على الألعاب الجماعية وحدها، وإنما امتدت لتشمل العديد من الألعاب
الأخرى وأصبحت الأندية الرياضية تمثل عامل جذب مهماً للشباب.
أما في المجال الاجتماعي فنشاطاته أقل انتشاراً نسبياً من المجال الرياضي، فالنشاطات
الاجتماعية التطوعية موجودة على أكثر من صورة، حيث تسعى الدولة والجمعيات
الأهلية وغيرها من المؤسسات إلى إتاحة المجال أمام الشباب للمشاركة في الأنشطة
التطوعية التي تساعد على إنماء روح العمل الجماعي وحب الخير لذاته.
وتضيف حيدر ان نشاطات المجال الترفيهي موجودة إلى حد ما، فلدينا المدن الترفيهية
والتي وقد تكون قليلة وليس بمستوى الدول الأخرى لكن تسمى مدناً ترفيهية حتى
ولو بالاسم فقط، بمقدورها أن تكون عنصر جذب للشباب الراغب في تمضية أوقات
فراغ ممتعة، كما يتضمن هذا المجال نشاطات تمارس في الأندية الترفيهية التي تتيح قدراً
معقولاً لهواة الأنشطة والألعاب المختلفة مثل «سباقات الجري وركوب الخيل والسباحة
«.
في الجانب الآخر
لعل الجانب الآخر في تحقيق هذه المعادلة كما بينتها المرشدة الاجتماعية ريتا جبور في
مديرية تربية طرطوس تتمثل في التوعية الإعلامية والاجتماعية من خلال المدارس
ووسائل الإعلام الجماهيرية، فضلاً عن العديد من الوسائل الأخرى التي من شأنها
ترسيخ قيم العمل والتضامن الاجتماعي، وعلى كل أسرة تريد إسعاد أبنائها، أن
تساعدهم في البحث عن أفضل السبل الكفيلة بتمضية وقت فراغهم على أحسن
مايكون، حتى يعود مثل هؤلاء الشباب مكتسبين علماً ومعرفة وثقافة، إلى جانب تجديد
النشاط الذي يعطيهم الحافز للمستقبل.
ختاما
الاستغلال الجيد للوقت يعود بالدرجة الأولى للشخص نفسه؛ ومدى علمه وقدرته
على استغلال الوقت بأحسن طريقة تفيده بالدرجة الأولى، ومن ثم تفيد مجتمعه في
الدرجة الثانية.