، عندما يختفي نور النهار ، ويظهر سكون الليل ، تخرج ساحرة الظلمة لتزين ثوب
السماء وتجعلها أميرةً للسهر ، فتلوح بعصاها السحرية ليظهر ثوب الليل الداكن ،
وتلوح مرة ً أخرى ليتزين الثوب بلآلئ النجوم المضيئة ، ثم يظهر عقد تلمع في وسطه
جوهرة القمر 0
في ليلة صيفية ، وبعد أن أتمت الساحرة تزيين ثوب الأميرة جلست أرقب نجما ً كان
يتحرك ببطء ٍ في السماء ، ثم اختفى وتوارى عن ناظري ، لكنه هداني إلى أجمل منطقة ٍ
في ذلك الثوب كانت الساحرة قد عملت عليها بجد وهي : مجموعة نجوم الثريا 0 كان
كل نجم ٍ فيها يعزف النور في السماء ، فيبدأ أقربها بنغمات ٍ بسيطة ، لينتهي الحال
بأبعدها بأعظم نغمات النور التي تنثر البهجة والفرح على البشر المجتمعين على وشاح
الأرض يرقبون النجوم 0 ثم تقودك النغمات البريئة إلى مجموعة الدب الأصغر التي
عنيت بها الساحرة لتكون لعبة ً تنام بقرب الأطفال ، ويأتي دور الدب الأكبر ليضيء
الدب الأصغر بالحنان ، وليحكي حكاية ما قبل النوم بكلماته المزينة باللمعان 0
نحن نجمع كل النجوم في عيوننا بنظرة ٍ إليها ، لأننا نراها بغاية الصغر والخفة والبساطة
، لكن الحقيقة أنها أكبر من كل ما نراه ، وأعظم من كل البساطة التي نفتكرها ، فكل
نجم منها يتفرد بنوره ، وشكله وحركته ، لكن ما يظهر جلالها بشكل أكبر هو
انسجامها وتناغمها ، فهي جسد واحد إذا توقف أحد أفراده توقف الباقون وهذا ما
يراه العالم بعيونه الواقعية الدقيقة ، بعيدا ً عن عيون الأحلام ، فهو لا يرى الفساتين
والحلي والزينة ، ولا يرى تلك اللآلئ اللامعة ، بل يرى أن ما له ذلك الضوء من بعيد
جسم عاتم بارد عن قرب لكن رغم كل ما يقوله العالم ، يبقى الخيال هو الأجمل
والأصح في أذهان الناس ، لأن لا أحد يستغني عن حكاية أميرة السهر ، ولا أحد ينام
قبل أن يأخذ قطفة ً من حنان الدب الأكبر ، وتذكروا إذا فارقكم النوم في إحدى
الليالي الصيفية ، انظروا إلى السماء وراقبوا عصا الساحرة وهي توشي على ذلك
الثوب 0