«السيارة العسكرية» وأنا ورتل ورائي بسياراتنا الملونة نستمتع بأمان هم صناعه.. شباب بعمر الورود خانتهم ملونة كليمون طرطوس وكرمة السويداء وفستق ادلب وتفاح القدموس ولون بلادي كلها، شباب تنوعت لهجاتهم وأحلامهم اقتصرت وقت الخدمة على لقاء أهلهم وسماع صوت الحبيبة وجمعهم علم وطن و«سيارة عسكرية»..
أما اليوم وعلى نفس الاتوستراد فالمشهد كملامحهم اختلفت وانطفأت معه ضحكاتهم وكبرت الأحلام.. ومع أن الإشارة حمراء إلا أنها صامتة كعيونهم.. وأكفهم ما عادت تلوح لي بل كانت قبضة واحدة كقلوبهم القوية الشابة التي اعلنت تغيير الهتاف وشعار «التلطيش» لتكون «أنا مشروع شهيد».
بكيت لحظتها مع المشهد وتمنيت منهم ابتسامة كالتي كانوا يرسلون.. وغصت في عيونهم وما عرفت فيما كانوا يفكرون إلا أنني وثقت بصمتهم وتمنيت عليهم الرجوع إلى ذويهم دون جروح أو ضمن تابوت ورفعت صوتي للسماء وعلى لسان أمهاتهم.
قلت يا رب أعنّا على كل خائن متآمر غدار..
واستهجنت زمانا استبدل فيه الاستقرار والأمان بالفوضى والخوف.. وتغيرت معه طقوس يوم الجمعة فما عادت للسيران ولقاء الأحبة بل أصبح لدينا رفقة جديدة مع الخبر العاجل وكليبات شام برس المضحكة وشاهد عيان تولد العربية والجزيرة..
وفضائياتنا التي اختلفت ونضجت مع الأزمة وصرت لأحزن عمراً وأنا أتابع فيها مراسيم التشييع من مشفى تشرين العسكري وأشيع مع الوطن جنوده الذين شوهت أجسادهم بسكاكين الغدر ففقأت أعينهم وقطعت أعناقهم أمام كاميراتهم الرخيصة رخص نفوسهم الدنيئة فأفرح بشهدائنا وازغرد مع أهلهم وبنات الجيران.. وأقول معهم كلنا للوطن فداء فاختبؤا أنتم يا أيها المجرمون واخجلوا بهم يامن كنتم لهم محرضين لأن رجالنا كفنهم علم وطن وأنتم ومشروعكم في «مزبلة التاريخ».