لاتزال بعض الوظائف تلقى نظرة سلبية من قبل البعض حيث إن الاعتبارات الاجتماعية تفرض عليها اختصاصات معينة وبالتالي وظائف محددة: فقد تكون هناك طالبات متميزات يبدعن في المجالات العلمية لكن ميول المجتمع تجعلهن يبتعدن عن مواهبهن العلمية فكل مجتمع يختلف بفكره ونظرته تجاه وضع المرأة وبعض الوظائف مرفوضة لأنها تتيح الاختلاط، لذلك يشجع توجيه المرأة لوظائف معينة باعتبارها ملائمة للمحافظة على سمعتها وسلامتها ،وخاصة أن هناك تخوفاً من قبل بعض العائلات التي لا تقتصر على الطبقة المتوسطة بل الثرية أيضاً من أن تستغل المرأة في مجال عملها فتجبر بناتها على امتهان التدريس لأن هذه المهنة تجنبهن الاحتكاك المباشر بالجنس الآخر وتمثل لهن استقلالية، وترى فيها استقراراً وظيفياً واجتماعياً وحتى عائلياً بعد زواجها حيث تبقى مع أولادها طوال عطلة الصيف وهذه الميزة لا تتوافر في مهن أخرى فالتمريض والسكرتارية والفن والإعلام والطيران والسياحة غير المرغوب فيها عندهم كما جاء على لسان كثير من التقيناهم من الأهالي الذين أجمعوا أن النظرة الاجتماعية عززت مهناً دون أخرى لدى النساء، ويلعب الموروث الاجتماعي دوراً كبيراً في تحديد ورسم صورة نمطية للمهن المسموح بها وغير المسموح بها، فمجتمعنا ذكوري يحجم المرأة ويحد من قدراتها الانتاجية ولذلك يزداد إقبال النساء على المهن النمطية كالتعليم والخياطة والوظيفة الحكومية ويبتعدن عن مهن ووظائف غير مرغوبة لشدة تعقيداتها كالتمريض والسكرتارية والفن والإعلام والطيران والسياحة.
وآخرون ممن التقيناهم قالوا: إنه من الصعب على المرأة العربية السباحة ضد التيار مع أن طبيعة بعض النساء تحثهن على التمرد والتحدي والمغامرة والسأم من الأعمال المكتبية المملة فيخترن مهناً جديدة فيها إبداع واجتهاد وحركة وسفر كالطيران والإعلام والهندسة والطب والتمريض والتمثيل.
أخيراً.. لا يمكننا أن ننكر أن المجتمع هو الذي يعطي قيمة معينة للمهن والوظائف بالنسبة للمرأة ويحدد أكثر المهن قبولاً واحتراماً لذلك تتكون لدى الأفراد طموحات ورغبات انطلاقاً من تلك القيم.
وهو الذي يحدد المهن، التي تناسب أو لا تناسب المرأة انطلاقاً من معطيات دينية وعرفية ويقسم المجتمع المهن إلى مهن ذات قيمة اجتماعية ومهن غير لائقة ولذلك تراعي المرأة وهي تختار مهنتها الاعتبارات الاجتماعية التي تتحكم في اختيارها ، وقد تختار المرأة مهنة لإثبات الذات ومنافسة الرجل، كما توجد مهن قد تختارها النساء لإشباع رغبة القيادة أو جذب اهتمام الآخرين أو الظهور.
ولايمكننا أن ننسى أيضاً أن الناس في مجتمعاتنا غالباً ما يتبنون أفكاراً مسبقة عن بعض المهن ولايحاولون تغييرها رغم تغير الظروف ونجد المرأة تحبذ العمل وتحاول إثبات شخصيتها وإبراز مدى فعاليتها وقد تختار وظيفة تتحدى فيها المجتمع وتكون فخورة أنها نجحت فيها.
ولابد من توعية العائلات عن طريق الإعلام لتغيير النظرة النمطية المرسومة عن المرأة لدى الآباء ودحض مقولة إنها لا تصلح إلا للعمل في وظائف محددة حيث إن الواقع أثبت أن جميع المجالات تناسبها عندما تتوافر لها أدواتها.