وللتحصيل الدراسي الجيد شروط ومقومات لابد من توافرها فما الذي يؤثر على التحصيل الدراسي للأبناء وما دور الأسرة في توفير المناخ الملائم للنجاح وكيف نقي أبناءنا من الفشل الدراسي؟
الأسرة.. مساعدة أو معوقة
الدكتورة منى كشيك مدرسة في كلية التربية جامعة دمشق أكدت أن هناك الكثير من العوامل التي تتضافر لتؤثر في التحصيل الدراسي، منها عوامل مدرسية كالمنهاج الدراسي ومدى ملاءمته لسيكولوجية المتعلم، ومدى قدرته على إشباع حاجاته وميوله، وكذلك توفر المعلم الكفؤ والإدارة المدرسية الواعية التي تستطيع تكوين اتجاهات إيجابية نحو المدرسة.
وهناك عوامل أسرية والتي قد تكون إما مساعدة وإما معوقة، فالبيت الذي يفتقد إلى الحوار ويعاني بعض الظروف المادية، وطموح الآباء الزائد عن الحد، ومحاصرة الطفل وإجباره على الدراسة ومنعه من اللعب ومشاهدة برامجه المفضلة على التلفاز وعدم الاعتراف بمواهبه وتكليفه بأعمال منزلية كل ذلك يؤثر سلباً على التحصيل الدراسي، كذلك مقارنة الأسرة لأبنائها مع تلاميذ آخرين بطريقة سلبية.
ولفتت د. كشيك إلى أنه يمكن تحديد العوامل التي تعود للأسرة بالمستوى العلمي والثقافي للوالدين، ونوعية وطبيعة عملها، والمستوى الاقتصادي للأسرة وطبيعة العلاقة بين أفراد الأسرة، ومستوى طموح الوالدين بالنسبة لتحصيل الأبناء والعلاقة بين الأسرة والمدرسة.
الطموح دافع قوي
كما أن هناك عوامل شخصية كمفهوم الفرد عن ذاته وتقديره لها، فالثقة بالنفس والتقدير الإيجابي للذات يعوقان التلميذ بتحقيق النجاح واجتياز المراحل الدراسية، ومفهومه عن ذاته يحسن سلوكه في مدرسته علاوة على أدائه الأكاديمي، وكذلك مستوى الطموح يعتبر دافعاً قوياً ومهماً في عملية التحصيل التعليمي للفرد، إضافة إلى مستوى الدافعية والذكاء، فالذين يوجد لديهم دافع مرتفع للتحصيل يعملون بجدية، وكذلك ذوي الذكاء المرتفع لديهم قدرة أكثر على التركيز والتحصيل والفهم.
الصحة الجسدية بين المتفوقين والمتأخرين
وأشارت د. كشيك إلى العوامل الجسدية والتي تؤكد بعض الدراسات وجود اختلاف في الصفات الجسدية بين المتأخرين والمتفوقين دراسياً، فالأمراض وسوء التغذية وانخفاض الوزن والضعف في النشاط والاضطرابات في السمع والبصر، أعلى لدى المتأخرين دراسياً مما هي عليه عند المتفوقين، وقد ثبت أن المتفوقين هم أكثر تمتعاً بالصحة.
وهناك أيضاً العوامل البيئية والاجتماعية، حيث يوجد اتفاق من المجتمع على أهمية التعلم ومتابعة التحصيل التعليمي للوصول إلى أعلى الدرجات العلمية، فالبيئة الاجتماعية وما يسودها من علاقات وعادات تتبنى برامج وأنظمة في قبول الفرد كعضو من أعضائها، كل ذلك له أثر واضح يعتبر بمثابة حافز ودافع للتحصيل التعليمي للفرد.
دافعية التحصيل الجيد
وبرأي د. كشيك للتحصيل الجيد شروط كلما حرص المتعلم عليها كان أقدر على تحقيق التفوق في دراسته وهي الممارسة والتكرار، فتكرار أو عمل أو وظيفة معينة يكسبها نوعاً من الثبوت والاستقرار، والممارسة تُيسّر نوعاً من الآلية التي تساعد على أداء الأعمال بطريقة سريعة ودقيقة، والنجاح أيضاً يأتي من العمل الجاد والدافعية للدراسة والرغبة والتي تسمى واقعية التحصيل التي تقود لأداء جيد، هذا إضافة إلى النشاط الذاتي للمتعلم فالتعلم الجيد هو الذي يقوم على النشاط الذاتي، فالمعلومات التي يحصل عليها الفرد عن طريق جهده أكثر ثبوتاً ورسوخاً، وأكثر عصياناً على الزوال والنسيان، أما التعلم القائم على التلقين فإنه أسوأ أنواع التعلم.
تجنب التوترات والشجار
ولوقاية أولادنا من التأخر الدراسي تنصح د. كشيك بالعمل على توخي الحذر وتلافي أسباب الفشل والعناية بالإرشاد النفسي والتربوي بالمدارس والاهتمام بالجوانب الشخصية للتلميذ والصحة النفسية والاجتماعية والتركيز على الأنشطة التعليمية الهادفة، وتوعية أولياء الأمور بكيفية التعامل مع بعضهم ومع الأطفال وذلك من خلال تجنب التوترات والشجار أمامهم وتوفير المناخ الأسري الذي يوفر الإحساس بالأمن والطمأنينة وتجنب العقاب دون مبرر والعمل على تنمية ثقة الطفل بنفسه وإكسابه مفهوماً إيجابياً عن ذاته وعدم إجباره على الدراسة بل ترغيبه بها، وتقبل الوالدين للطفل ومراعاة الفروق الفردية والقدرات والميول وتجنب المقارنة بين الأطفال ومتابعتهم في المدرسة.