إن ما جرى ويجري في سورية هذه الأيام هو أكبر من مؤامرة وأكثر من أزمة عابرة ، لأنها في حقيقتها حرب منظمة ومدروسة اشترك في وضع مخططاتها أكثر من طرف أغلبهم خارجي لأسباب سياسية بحتة تتعلق بالمواقف السورية وسياستها تجاه القضايا العربية خاصة وقضايا المنطقة عموماً، حتى أطلقناعلى ما يجري في سورية كغيرنا من المحللين بأنها حرب عالمية جديدة تشن بأسلحة تدمير شامل قوامها الفتنة الشعبية تحت مظلة مطالب عامةبرعاية تضليل إعلامي عالي المستوى يعمل بكل إمكاناته لفبركة الأحداث بما ينسجم مع ثورة افتراضية تم تنظيمها في الغرف المظلمة وعلى صفحات الانترنت والفيس بوك واليوتيوب وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة التي تعتمد التقنيات العلمية لصناعة الحدث ولو من فراغ وتوزيعه بالطريقة التي تخدم الهدف.
فجأة وجدت نفسها وسائل الإعلام الوطنية الرسمية والخاصة على حد سواء أمام معركة جديدة لم تكن قد تهيأت لها مسبقاً ، فكان عليها التعامل مع الواقع بشفافية مطلقة وأن تنقل الصورة الصادقة بعيداً عن أي تحفظات مهما كان حجم الألم الذي تحمله وهذا ما فعلته بالتمام ، ومن جهة أخرى وجدت لزاماً عليها كشف الآليات التي يتم فيها فبركة الأحداث ونشرها من قبل قنوات وضعت نفسها مع الجهة المعادية لسورية بل أكثر من ذلك سخرت قواها وتجربتها للمشاركة الفاعلة في صناعة الأزمة السورية ومن ثم تضخيمها .
استطاع الإعلام الوطني السوري بأنواعه المختلفة المرئي والمسموع والمقروء والالكتروني خلال فترة قصيرة من بدء الأحداث من أخذ موقعه الطبيعي في المعركة وتمترس باقتدار خلف الحقيقة والحقيقة فقط، فنال ثقة المواطنين السوريين بكل فئاتهم وشرائحهم، بمن فيهم المغتربون الذين يفتخرون بانتمائهم لهذا الوطن الجميل ، وأصبح الإعلام الوطني هو مصدر الخبر الأساس رغم الكم الهائل من الأخبار المثيرة على القنوات الناطقة بالعربية والتي تعرت أمام الرأي العام نتيجة افتقادها لأدنى حد من حدود المصداقية ، كما تمكن الشباب السوري من مواكبة المعركة الإلكترونية بكل اقتدار وبراعة واستطاع من خلال المتابعة الجادة والدقيقة من كشف التلاعب بالصوت والصورة من قبل القنوات المضللة والمواقع الكاذبة، التي وصلت إلى مرحلة كما يقال بالعامية «دخلت بالحيط» لأنها أخذت تتخبط في خلط الأوراق وتشابكها بطريقة لم تتمكن هي نفسها الخروج منها، تضع الصورة من جنوب العراق والصوت من بانياس ، وخلقت تواصلاً افتراضياً بين ساحات اليمن وساحة الجامع العمري في درعا ، حتى باتت حملة التضليل الإعلامي على سورية التي تعرضها القنوات المعادية مكشوفة بما لا يدع مجالاً للشك ، مما أفقدها أي دور في المعركة وتحولت إلى شاهد ما شافش حاجة ، حتى باتت وظيفة شاهد عيان «كسيبة» وأصبح لكل قناة شهود عيان محددون وهذا ما فتح الباب واسعاً لاستقطاب بعض النفوس الضعيفة ممن أسموا أنفسهم «شهود العيان» لكنهم عميان ، وقد عرضت وسائل الإعلام الوطنية بعض هؤلاء شهود العيان وهو ينتقل من درعا إلى بانياس ومن ثم إلى حمص فدوما خلال أقل من نصف ساعة ؟؟
لقد أثبت الشعب السوري بكل فئاته حالة من الوعي النموذجي المميز في مواجهة الأزمة ، عندما وقف بملايينه التي تفوق العشرين وقفة شجاعة خلف قيادته ورئيسه مجتمعاً بإدارة موحدة للحفاظ على سورية البلد الحديث الذي تم بناؤه بجهود أبنائه الصادقة ، وبعرق عماله وصناعييه وتجاره ومعلميه وحكمة رجال الدين وعلمائه ، سورية البلد الضارب في أعماق التاريخ في حضارته التي أنارت شعلتها بقاع العالم، لذلك كله نجد أن الشعب السوري يحرص كل الحرص على وحدة الموقف ووحدة الاتجاه نحو إصلاحات أخذت طريقها إلى التطبيق بقوة وبارادة صادقة لتلبية متطلبات وحاجات المجتمع السوري من كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وقد أخذ الشعب السوري قراره بالوقوف صفاً واحداً خلف قائده المقدام السيد الرئيس بشار الأسد ، وأن يقوم من خلال تلاحمه وتعاضده برفض كل حالات التطرف والتخوين والتهميش للطرف الآخر ، لأن سورية جنة جميلة على الأرض تتميز بألوانها المزركشة الرائعة التي تعطي للحياة معناها .
Email:m.a.mustafa@mail.sy