تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حقائق لا تغيب!!

شؤون سياسية
الأحد 15-5-2011م
عدنان علي

تمر ذكرى اغتصاب فلسطين هذه الأيام وسط تراجع كبير يطال مكانة القضية الفلسطينية على صعيد الاهتمام الدولي وحتى الإعلامي ، بحيث بات الخبر الفلسطيني الذي يسلط الضوء على ممارسات الاحتلال الإسرائيلي من تنكيل بالفلسطينيين أو مصادرة أراضيهم ،

خبراً ثانوياً لا يكاد يحضر في نشرات الأخبار المشغولة بأخبار التطورات في البلدان العربية حتى باتت إسرائيل وكأنها واحة الاستقرار والأمان الوحيدة في المنطقة.‏

في ذكرى اغتصاب فلسطين لا بد سنوياً من استحضار جملة من الحقائق الأساسية التي تسعى سلطات الاحتلال إلى طمسها ، وإحلال خرافاتها وأكاذيبها محلها ، في جهدها غير المنقطع لتحريف التاريخ وطمس الذاكرة الفلسطينية. وفي مقدمة هذه الوقائع قضية اللاجئين الفلسطينيين الذين يشكلون أبرز ضحايا جريمة اغتصاب الوطن الفلسطيني ، ولا تزال سلطات الاحتلال تحارب بلا هوادة كل جهد سياسي أو قانوني لإدراج قضية اللاجئين في سلم الجهد الدولي الباحث عن حلول سياسية للصراع العربي - الإسرائيلي.‏

وقد ركزت السياسة والإعلام في إسرائيل خلال العقود الماضية على محاولة تصوير قضية عودة اللاجئين على أنها مسألة رمزية وغير واقعية وأن طرحها هو نوع من اللاواقعية السياسية ، وذلك بهدف اخراجها من التداول السياسي العملي، وتحويلها إلى قضية إنسانية تحل بالتعويض المادي والتوطين ودون أن تتحمل إسرائيل أي أكلاف.‏

ومن هنا ، من بالغ الأهمية في ظل الانسداد السياسي الحاصل حالياً على مسار التسوية العمل في كل الجبهات على إعادة قضية اللاجئين إلى إطارها الصحيح بوصفها قضية سياسية وقانونية وإنسانية لا يمكن لأي تسوية أن تستقيم دون حلها على أساس قرارات الشرعية الدولية وفي مقدمتها القرار 194 الذي يكفل للاجئ الفلسطيني حقي العودة والتعويض معاً.‏

ومن المهم أن تتخذ الأنشطة التي تستهدف إبقاء حق العودة حياً ومتقداً في وعي وضمير الأجيال الفلسطينية المتعاقبة ، منحى عملياً وفي اتجاهات متعددة لأن الرهان الإسرائيلي يقوم أساساً على محاولة اغتيال الذاكرة الفلسطينية ، وتحطيم قدرة الشعب الفلسطيني على إثارة هذه القضية حتى تبدو كترف سياسي في ظل حالة العقم السياسي السائدة حالياً في المنطقة العربية وفي ظل انشغال الأجندة الدولية بملاحقة التطورات اليومية الساخنة.‏

ولعل تفعيل مراكز الشتات الفلسطيني ، مثل مؤتمر فلسطينيي أوروبا الذي عقد في ألمانيا قبل أيام ، والتوجه إلى جماعات الضغط المتعاطفة مع القضية الفلسطينية وخاصة في أوروبا ، هي بعض أشكال التحرك العملية التي ينبغي الاشتغال عليها، من أجل تثمير التعاطف الدولي مع معاناة الشعب الفلسطيني ، وتوجيهه للضغط على إسرائيل في كل محفل دولي من أجل تثبيت الحق الفلسطيني في العودة إلى وطنهم وهو حق مكفول بموجب كل الشرائع الإنسانية .‏

ورغم عمرها المديد الذي زاد حتى الآن عن ستة عقود ، فإن قضية اللاجئين الفلسطينيين لا تزال قادرة على فرض نفسها بقوة على جدول أعمال أي تسوية للقضية الفلسطينية ، رغم المحاولات الكثيرة التي جرت خلال العقود الماضية لشطبها أو تهميشها تحت ذرائع شتى، تارة بدعوى سقوطها بالتقادم وتارة أخرى عبر مقايضتها بما تسميه إسرائيل «اليهود الذين هُجّروا من الدول العربية إلى فلسطين» وأحياناً ، بل دائماً من خلال التوطين الذي يلوح في الأفق مع كل تحريك لعملية التسوية .‏

وبعد أن أدت نكبة 1948 إلى قيام الكيان الإسرائيلي على 77٪ من الوطن الفلسطيني ، وتهجير نحو 800 ألف فلسطيني أصبحوا لاجئين في الشتات وداخل فلسطين ، بات الفلسطينيون يشكلون اليوم أكبر المجموعات المهجرة في العالم بنسبة تبلغ نحو ثلث إجمالي عدد اللاجئين في العالم.‏

وبوجه عام يمكن تقسيم اللاجئين الفلسطينيين إلى عدة مجموعات رئيسية تشتمل على المهجّرين منذ العام 1948 وهم أغلبية اللاجئين ، ولاجئي عام 1967 . والفئة الثالثة ممن لا يستطيعون العودة إلى ديارهم بسبب سحب الإقامة منهم أو إلغاء لم شمل العائلات أوالطرد والخوف والاضطهاد عند العودة . يضاف إلى ذلك المهجرون في الداخل ممن ظلوا في المناطق الفلسطينية التي قامت عليها دولة الاحتلال عام 1948 ومنعوا في الوقت نفسه من العودة إلى قراهم ومدنهم بعد انتهاء الحرب ، إضافة إلى المهجرين ضمن المناطق المحتلة عام 1967.‏

والوافع أنه يصعب إحصاء عدد اللاجئين بدقة بسبب الافتقار إلى نظام تسجيل دقيق، إضافة إلى توالي مغادرة المواطنين الفلسطينيين لديارهم على مدار العقود الماضية بشكل إفرادي أو عبر مجموعات صغيرة تحت ضغوط أمنية وسياسية واقتصادية ، علماً أن المسجلين لدى وكالة الغوث وتشغيل الفلسطينيين لا يشكلون سوى نحو نصف إجمالي اللاجئين وهم أساساً الذين هُجّروا عام 1948 وسلالاتهم .ويقدر عدد اللاجئين والمهجّرين الفلسطينيين اليوم بنحو ثمانية ملايين شخص ، بما يشمل اللاجئين عام 1948 المسجلين لدى وكالة غوث (نحو أربعة ملايين شخص) واللاجئين عام 1948غير المسجلين لدى الوكالة (أكثر من مليون ونصف المليون) واللاجئين للمرة الأولى في العام 1967(750ألف شخص) ، والمهجّرين في داخل فلسطين المحتلة 1948 (274ألف شخص) والمهجّرين في الضفة الغربية وقطاع غزة والمقدر عددهم بـ(140ألف شخص ) ويشكل اللاجئون عموماً نحو ثلاثة أرباع الشعب الفلسطيني الذين يزيد عددهم اليوم على تسعة ملايين شخص.‏

وتقدر قيمة الأملاك التي تركها اللاجئون في ديارهم من أراض ومساكن وثروة حيوانية وثروات أخرى بنحو ثمانية مليارات ونصف المليار دولار .‏

ورغم كل ظروف القهر والتشريد ، ينتشر معظم اللاجئين أما في وطنهم الأصلي فلسطين واما في البلدان المحيطة به ولجأ نحو 65 بالمئة من فلسطينيي المنطقة الجنوبية من فلسطين في العام 1948 إلى قطاع غزة والضفة الغربية اللذين يشكلان معاً نحو 22٪ من مساحة فلسطين التاريخية في حين توجه بقية اللاجئين إلى الدول العربية المجاورة وهي مصر والأردن وسورية ولبنان. ويمكن القول : إن معظم اللاجئين لا يبعدون عن قراهم وديارهم الأصلية أكثر من 100 كلم ، يقطن نحو 1،3 مليون منهم في مخيمات اللاجئين الموزعة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 والأردن وسورية ولبنان أي مايعادل نحو خمس العدد الإجمالي للاجئين الفلسطينيين .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية