القضية الفلسطينية لها مركز أساس هو (حق العودة) واللاجئون الفلسطينيون تكاثروا وانتشروا في المنافي حتى بلغ عددهم نحو سبعة ملايين إنسان. عبّر الحراك الشعبي الفلسطيني عن نفسه أولا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت، ووصل عدد من اتفق منهم على الزحف في الخامس عشر من ايار نحو الوطن المحتل 350 ألفاً قبل ان تبادر (فيسبوك) الى شطب أسمائهم جميعاً بجرة قلم. فحاولوا من جديد ووصل العدد الى نحو 300 ألف، ولكن الشبكة ذاتها أعادت الكرة وتصرفت كما أراد لها المحتلون الصهاينة أن تتصرف.
لكن الفلسطينيين لم يعدموا الوسيلة - خاصة بعد ان تحقق مبدئياً احد أهم أهدافهم المرحلية- أي استعادة ورقة قوتهم ورافعة العمل القومي في اتجاه القضية المركزية- يوم الرابع من هذا الشهر بإبرام اتفاقية المصالحة الفلسطينية في القاهرة، أجواء التفاؤل التي سادت في أوساط فلسطيني الداخل انعكست ايضاً في سلوكيات وآمال فلسطيني الشتات. لذلك تنادوا الى انتفاضة ثالثة- مستذكرين انتفاضتي الحجر (1987) وانتفاضة الأقصى في عام 2000
والملاحظ ان الانتفاضتين أكدتا قدرة وصبر وثبات هذا الشعب، فسقطت مراهنات العدو المحتل على القمع والزمن. وفي الانتفاضتين كانت الظروف الموضوعية هي السبب في إخمادهما. الأولى بسبب الحرب في الخليج، والثانية بسبب احتلال العراق والواقع العربي الذي وصل ذروته في (قمة بيروت بالمبادرة العربية للسلام).
وفي الحالة الثانية كان ناتج التفاوض بعد (أوسلو) قد أدى إلى انشقاقات فلسطينية في المواقف انتجت اللجوء الى صناديق الاقتراع. ولكن الانتخابات جاءت بما لم يرد أو حتى تتوقعه الإدارة الأميركية والكيان الاحتلالي- هكذا تمت عملية الانقسام بعد مقاطعة نتائج الانتخابات وعدم الاعتراف بها.
كانت فترة مأساوية دامت أربع سنوات- حاولت خلالها السلطة الفلسطينية الاعتماد على وعود الإدارة الأميركية (حل الدولتين)-لكنها ايضاً شهدت انتصار المقاومة اللبنانية عام 2006 بحيث انهارت صورة المحتل كقوة لا يمكن قهرها.
انحاز الشعب العربي لطريق المقاومة-التي ادت الى انسحاب صهيوني من قطاع غزة- أعقبه حصار غير مسبوق على أهلنا هناك.
حاولت السلطة الفلسطينية التنصل من (الكفاح المسلح) عل ذلك يفيد في إقناع الطرفين الأميركي والصهيوني بضرورة حل الدولتين- وعلى اساس المبادرة العربية للسلام-لكن المبادرة ما وجدت من تل ابيب وواشنطن غير اللامبالاة والاستهانة والتجاهل.
وعمل الاحتلال ومعه من يناصره من واشنطن الى بروكسل على تكريس الانقسام كضرورة صهيونية. وبقي الانقسام ومعه بقي الحصار المضروب على القطاع- برغبة ومشاركة جديتين من الحكم المصري أيام حسني مبارك.
الأحداث المصرية في 25 يناير 2011 قلبت المعادلة الى حد كبير وهي- وإن لم تستكمل بعد كامل مدياتها الثورية أسهمت في الوصول الى المصالحة الفلسطينية مدعومة بشكل كامل بالموقف السوري الفعال- حيث احتضان سورية للمقاومة العربية بكل ما أوتيت ومهما بلغ ثمن الموقف القومي السليم.
الآن والدعوة قائمة لانتفاضة ثالثة في الوطن المحتل كما في خارجه: هل الظروف مهيأة لمثل هذه الانتفاضة؟
في قراءتنا للظرف الذاتي الفلسطيني لا بد ان نقول: نعم ولكن في قراءتنا الظرفين الإقليمي والدولي نقول: من الصعب جداً ان تصل الانتفاضة الى كامل تأثيرها ومدياتها ولكنها ممكنة تماماً في خارج الوطن المحتل كما في داخله دفعة واحدة بحيث تتركز انظار الدنيا من جديد على القضية العربية المركزية لتصبح ذات أولوية تسبب المزيد من العزلة للمحتلين وتؤكد من جديد ضرورة احترام حق الشعب الفلسطيني في العودة وفي الدولة المستقلة القوية وعاصمتها القدس الشريف.
تحمل الذكرى الثالثة والستين للنكبة نكهة التحديدي لمراهنات العدو على عاملي الزمان والمكان: فلا الزمان والمكان: فلا الزمان فت في عضد الشعب الفلسطيني ولا التشتيت المكاني عمل على ان تبهت صورة الحقوق المشروعة لهذا الشعب لدى الأجيال التي ولدت وكبرت خارج أرض الآباء والأجداد.
nawafabulhaija@yahoo.com