ولا بأس من تخطّي بنودها...عندما يكون الضيف.. قاعدة بحاله.
أحياناً...
الشطارة(بعينها) تكمن في اختراق خطوط حمر تفرزها إحدى القواعد(البرامجية).
ممكن جداً.. أن تكون آلية التفكير هذه هي ما دفعت برنامج (أغاني عمري-شاشة (L B C) لقلب معادلة (قاعدته)، وعكس طريقة استعراض أغاني الضيف.
كل العذر معهم... والحق أيضاً، لاسيما أن ضيفهم كان الهرم الطربي الأصلي وديع بشارة فرانسيس، من عرف واشتهر بـ (وديع الصافي).
جرت العادة...
في (أغاني عمري) أن تختزل مراحل عمر الضيف غنائياً.. بتمرير أغان أحبّها.. سمعها.. واقترنت بسنوات العمر، فغدت مثل نقاط علّام لا تبرح الذاكرة.
وطبيعي.. حينها.. أن تكون هذه (الومضات الذاكراتية الغنائية) لمطربين آخرين، سابقين الضيف زمنياً.. تتم استعارة أغانيهم.
مع (الصافي)..
كان شريط العمر يمرّر باستعراض أغانيه هو . فمن عساه يختصر مسيرة فنية استمرت لأكثر من سبعين عاماً أكثر من صاحب التجربة ذاته.
حلقة(الصافي).. كانت في اكتفاء ذاتي.. فلا استعارة ولاغيرها..
لأن الفن بحالته لا يبتعد كثيراً عن كونه(تاريخ)، بمعنى: حفظ التراث المحلي اللبناني بصوته.
وهو ما ركّز عليه البرنامج. ويبدو الأمر هنا بديهياً، لجهة توظيف حضور الضيف .. ومعرفة كيفية توجيهه.
ولهذا جاءت الاسكيتشات التي تعتبر أساس فكرة البرنامج، مظهرة هذه الميزة في فن وديع الصافي، الذي قيل دائما عنه إنه أشهر من حمل وطنه في صوته، فقدّمت أغان مثل(لبنان يا قطعة سما، صرخة بطل، لوين يا مروان، اسكيتش الضيعة، عندك بحرّية، جنّات ع مدّ النظر).
أغاني الصافي.. توازت مع عرض أهم محطّات العمر، وهو ما جعل بانوراما الطرب تترافق مع بانوراما سيرته، أطلعتنا أنه بدأ الخوض في مجال الفن منذ عام 1938 م، عندما تقدّم للإذاعة اللبنانية، ونال المرتبة الأولى في مسابقة كانت أعلنت عنها، ومن حينها لقّب (بالصافي).
سافر إلى مصر لتجريب فن السينما، ثم كان أن مضى إلى البرازيل وهو بعمر السادسة و العشرين لمدّة أربع سنوات.
ولأن همّ البرنامج غنائي بحت.. فإن السؤال عن أمور أخرى يأتي أشبه(بالتاتشات)...
هكذا ينجح السؤال صوب تجربته مع الرحابنة... وتجربته في مهرجانات بعلبك.. تعّرفه على الموسيقار محمد عبد الوهاب، الذي أثمر أغنية (عندك بحريّة)، لقاؤه مع جمال عبد الناصر.
ويمكن لبوصلة(الجلسة) أن تنحرف قليلاً صوب الحياة العائلية.
كلها كانت أسئلة (ترفع العتب).. ليبقى(مكسب) البرنامج، التنويع الطربي الذي عرضه.
أما الأصل في مكسبه الأكبر يتمثّل في حيلة(الانزياح) صوب أغاني الضيف نفسه.. وغالباً هم يدركون أنهم بهذه الحركة يكسبون الرهان.
بالعموم...
ومع أنهم كسبوا الرهان فوزاً بصيد(أذن المتلقي) هذه المرّة...
يبقى الطرب (الصافي) نبعاً مهما ارتوى منه ذوو البرنامج لن تشبعوا أو يشبّعوا..
وبذات الوقت..
من أين ارتويت وكيف ارتويت منه.. مهما صغر(الكم)..
أنت الرابح.. حتى لو كانت تلك الشذرات الطربية التي يقطفها (أغاني عمري)، ويعيد تقديمها، تأتي (ذرا) تتربّع كل منها على رأس مرحلة فنية..
وحتى لو أدّتها أصوات متفاوتة.. يبدو حشرها في البرنامج بمثابة فرصة إعطائها (بطاقة مرور)دخولاً إلى بوابة الطرب...