تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


... ليست كارثة!

هآرتس
ترجمة
الاربعاء 2/7/2008
ترجمة: ليندا سكوتي

كأن كارثة كبرى حلت بالمجتمع الاسرائيلي على نحو مفاجئ ذلك عندما دخلت التهدئة حيز التنفيذ, وتوقفت صواريخ القسام والاغتيالات وأصوات الطلقات المتبادلة من الجانبين, هذا مايحدث الآن على الأقل.

تلك الأخبار الجيدة لم تسر المسؤولين الاسرائيليين, ولم تدعهم للتفاؤل بما حدث بل قابلوا ذلك بروح عدائية, حيث تضافرت جهود السياسيين والقادة العسكريين والمثقفين جميعاً لتسويق فكرة تقول إن وقف إطلاق النار ماهو إلا كارثة تهدد الوجود الاسرائيلي.‏

فضلاً عن أننا لم نسمع كلمة واحدة من رئيس الوزراء أو وزير الدفاع( اللذين أقرا هذا الاتفاق ) تدعو للتفاؤل, ولم يتحدث أحد من المسؤولين عما يمكن أن تحققه تلك الفرصة من مزايا بل أخذوا يسوقون لما يمكن أن ينجم عن هذا الاتفاق من مخاطر ليس لها وجود على أرض الواقع, ويرى البعض منهم بأن تلك التهدئة ستقود إلى زيادة تسليح حماس, ويتساءلون عما سنقوم به? وعن الأسلوب الذي يتعين اتباعه لمجابهتها?‏

وإننا إن كنا لاننفي عنها نهجها لزيادة التسليح لدعم قوتها العسكرية لكنها ستدرك أنه من غير الملائم لها أن تستخدمها بعد أن تشهد الفوائد التي يمكن تحقيقها من التهدئة.‏

من دواعي الاستغراب أن نسمع أصواتاً تنادي بالحرب, بدلاً من السعي لوقف إطلاق النار, وكأنها تشعر بالقلق عندما ترى السكان في سديروت يعيشون براحة وأمان لردح من الزمن, الأمر الذي يعبر عن هذا المجتمع المريض الذي يرى في الهدوء أمراً سيئاً, بينما يرى في الحرب أمراً جيداً.‏

بالأمس كانت النظرة التشاؤمية سائدة لدى الكثير حيث اعتقد البعض بأن اتفاق التهدئة لن يتم, ورأى آخرون بأنه سيخرق في الحال, وأن (اسرائيل) استسلمت لحماس, لكن تلك الآراء لم تقم على أسس واقعية كما أن أولئك المتشائمون لم يقدموا لنا حلاً بديلاً عن وقف إطلاق النار سوى الدعوة إلى سفك المزيد من الدماء.‏

إن مايتم من هدوء سيستمر إن تلته تطورات إيجابية, لذلك يتعين علينا الدفع بعملية التهدئة, وعدم التزمت في مواقفنا, وأن نبعد عن أنفسنا مايكتنفها من تشاؤم.‏

إن حماس ترغب بالتهدئة لأنها تحقق أهدافها,فهي ليست بالأمر السيء( لاسرائيل), إذ إن مرور بضعة أشهر من الهدوء ورفع الحصار عن غزة ربما يخلق واقعاً جديداً يمكن من إطلاق سراح جلعاد شاليط ومئات الفلسطينيين, الأمر الذي يشكل تطوراً وإنجازاً إيجابياً للشعبين.‏

من الملاحظ أن تحسن حياة المواطنين في غزة يقود إلى تحسن أوضاع السكان في سديروت أيضاً, إذ تبين من الواقع إبان اختراق الحاجز بين غزة ومصر بأن الهدوء الذي حدث لم تنعم به منطقة النقب منذ سنتين.‏

إن وقف إطلاق النار سيؤدي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية ممثلة للشعب الفلسطيني بأسره وليس لنصفه, وعلى الرغم من أن حماس لن تتخلى عن مواقفها المتشددة, لكن عندما تشكل تلك الحكومة فربما يفاجأ الشعب ببعض التغييرات, في ضوء إمكانية التوقيع على اتفاقية حقيقية, بعد أن تبين من محادثات وقف إطلاق النار بأن (اسرائيل) ليست وحدها المعنية بالتفاوض مع حماس, وإنما حماس أيضاً ترغب بالتفاوض معها, وهذا الأمر يعتبر أمراً إيجابياً.‏

لو كنت رئيساً للحكومة الاسرائيلية ولدي اعتقاد بأن (اسرائيل) لن يتسنى لها البقاء بدون حل الدولتين ( كما يرى أولمرت ) فإني سأسعى لوقف إطلاق النار في الضفة الغربية أيضاً, إذ من المستغرب أن تسري التهدئة في غزة دون أن تشملها, وكيف يسوغ لنا أن نعتبر هذا الأمر إنجازاً في غزة بينما ننظر إليه في الضفة الغربية على أنه كارثة.‏

لذلك يتعين علينا أن نعلم بأن هذه التهدئة ستكون مؤقتة إن لم يسر تطبيقها على سائر أراضي السلطة الفلسطينية.‏

لقد تجذر في تفكيرنا اعتقاد يقوم على أن التهدئة ماهي إلا نوع من الاستسلام فهل تكمن قوتنا في القيام بعمليات الاغتيال وإراقة الدماء?‏

يلاحظ وجود معارضة لوقف إطلاق النار في الضفة الغربية بادعاء وجود كتائب القسام, وتطلب القضاء عليها معتبرة ذلك شرطاً للقبول بعملية التهدئة. وإننا في ضوء هذا الواقع نتساءل إن كانت (اسرائيل) راغبة حقاً بتحقيق السلام?‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية