كانت هناك شهادات عميقة ومنصفة لرجل كرّم مماته وهو من ظلم في حياته...
فهل يعيد التكريم بعضاً من ألق الجوهر...
من أرض الكنانة أتت شهادة أصيلة بالمكرم قدمها د. أحمد درويش الذي بين مكانة شفيق جبري وأهمية إبداعه بالقول: الأمم التي لا تملك كنوزاً في باطنها ولاثروات على ظهرها إنما تعتز بمبدعها... لأنها من خلال الإبداع والثقافة تحتل مكانها...
وشفيق جبري واحد من الذين ينبغي أن تعتز بهم الأمة لمسيرته الطويلة والحافلة... رجل يكاد يعبر القرن العشرين عندما يولد قبل مولده بعامين ويرحل عن عالمنا على مشارف نهايته. وخلال هذه المدة يسجل بصمته كواحد من رواد الأدب والمعرفة والثقافة لا في سورية وحدها بل في العالم العربي كله...
من أصحاب الصناعتين
ويضيف د. درويش .. بأن شفيق جبري كان جامعاً لثقافات متنوعة لا يقف عند جنس أدبي بعينه وإنما يتجاوز ذلك ليطلق عليه تسمية من أصحاب الصناعتين , فهو شاعر وناثر وعالم وباحث برز فيها جميعاً.
لم يقف عند ثقافته العربية بل تجاوزها إلى الفرنسية فأتقنها وعمل بها... وبذلك اختير واحداً من أعضاء مجمع اللغة العربية و لم يبلغ الثلاثين بعد عام1926 لم يقف عند الإبداع وحده إنما أدخل البحث معه فلا يفسده عليه وفي الثلاثين من العمر يختار محاضراً في مدرسة الدراسات الأدبية العليا سنة 1928 ويثبت من اللحظة الأولى أهليته لهذا المنصب...
ويضيف د. درويش بأن شفيق جبري اختطّ لنفسه طريقاً مختلفاً في البحث العلمي حيث أضاف من قوة شخصيته ... وفي سن مبكرة كان أن ألف عمله من اللذين يبقيان معلماً ورمزاً مهماً عن ( المتنبي - مالىء الدنيا وشاغل الناس) و( الجاحظ - معلم العقل والأدب)
ولعه بالكتابة يمتد حتى أواخر أيامه... يترك لنا مخطوطاً لم ير النور إلا بعد وفاته عن
( جبار القرن العشرين) أحمد فارس الشدياق وهكذا كان عنوان المخطوط... وتغير بعد طباعته.
أمير الشعراء.. وشاعر الشام
ويعطي د. درويش لمحة رائعة عن مرحلة شفيق جبري الشعرية من خلال قوله:
كان يقف في صف الرواد شعرياً وبذلك انتزع من أحمد شوقي تسمية تظل لاصقة به وهي (شاعر الشام) .. مع أن أحمد شوقي يموت سنة 1932 وكان آنذاك شفيق جبري في بداية الثلاثينات من العمر إلا أنه يلفت نظر أمير الشعراء بقامته المديدة في الشعر ويمنحه ذلك اللقب... أما عن الشهرة التي عزف عنها شفيق جبري فيضيف د. درويش .. بأنه لم يطبع بعضاً من مؤلفاته وابتعد عن الشهرة... ولكن قيمة الإبداع الحق لاتموت
غياب الأمانة العامة للاحتفالية
كما أضاف أ.حسين جمعة : ونحن نحتفل بدمشق عاصمة للثقافة أن تكون الأمانة العامة للاحتفالية حاضرة بيننا إكراماً للمبدع شفيق جبري كما تمنى على وزارة الثقافة التي أقامت حفل التكريم... أن تقبض على بيوت المبدعين لكي تجعل من كل بيت متحفاً تراثياً يضم إبداعاتهم كما فعلت مصر حيث ستجد متحفاً لأحمد شوقي( كرمة ابن هانىء) ومتحفاً لتوفيق الحكيم... ولكن من يزور دمشق فلن يجد أي بيت لأديب حتى بيت المتنبي في حلب ما زال يراوح في مكانه لعله يرى الشمس .
القيم: التكريم مستمر
أما كلمة وزير الثقافة د. رياض نعسان آغا فقد ناب عنه في تقديمها... د. علي القيم معاون وزير الثقافة والذي قال : نحن في وزارة الثقافة واحتفاءً بدمشق وليس من الأمانة العامة - حتى لا نفهم خطأ كرمنا مبدعنا الراحل شفيق جبري... وكنت أتمنى كما أ. حسين جمعة أن يكون ولو ممثلاً صغيراً عن الأمانة العامة لاحتفالية دمشق حاضراً معنا... للاحتفاء بشاعر وأديب كبير يستحق منا الاهتمام ... وهذه الندوة ما هي إلا جزء بسيط مما يستحق.
ويضيف د. القيم أن وزارة الثقافة بدأت منذ سنوات بالتكريم في الخامس والعشرين من هذا الشهر سيتم افتتاح متحف في بيت عبد القادر الجزائري.. الذي قمنا بترميمه بالتعاون مع إدارة المحافظة والإدارة المحلية... وكان افتتاحه مقرراً في8-6 -2008 ولكن تأخر بسبب تأخر اللجنة السورية - الجزائرية المشتركة في اجتماعها...