اسمحوا لي أن أكون طائراً يغرد خارج السرب فأنا اختلف اختلافاً مع جميع اوصاف التكريم والتنظيم للشاعر شفيق جبري , فأنا لاأرى فيه شاعراً احيائياً بمعنى ان (بدوي الجبل ,عمر ابوريشة , احمد شوقي) هؤلاء احيائيون بالمعنى الدقيق , أما صاحبنا فلاأرى فيه احيائياً وإنماً أرى به مقلداً يقرزم بالشعر في بداياته وهذا سأبينه لكم:
أنا أستغل كل مناسبة لتصحيح المصطلح المستعمل بشكل غير دقيق (الكلاسيكية ) استاذنا يقول الكلاسيكية الجديدة وغيره يقول هذا وهذا خطأ مضاعف .
يجب أن لايقول الكلاسيكية بل الكلاسية بالنسبة للانكليزية والفرنسية واحدة في والعربية ياء النسب وعندما تقول الكلاسيكية تكون قد نسبت مرتين وهذا خطأ وهي ليست ا لجديدة بل هي المحدثة وهناك فرق بين ا لجديد والمحدث . الشعور الوطني هو الواضح بجميع قصائده لكن هل من الضروري أن يعطينا بيت من المتنبي ويحاكيه بشكل آخر بنفس الوزن والقافية .
هذا أجده لايصيب في نفس المجال الذي يقول: إن هذا الشعر احيائي , هذا مقلد ومقلد إلى حد كبير جداً .
بالاضافة إلى ذلك استخدم شاعرنا كلمات عجيبة وغريبة مثلاً البؤس والشقاق , الاشجان والشجون , البرهاء واللوهاء .
كما استخدم كلمات ثقيلة الظل مثلاً (الاباطح ,الطوائح , السائف, الرامج ....) ايضاً في قصيدة الحرية نرى شاعرنا يتغزل بالحرية وكأنه يتغزل بإمرأة فيقول :
دب مضيض الحب في اضلعي .
فما هو المضيض ....
هناك نقطة اسميها الأناوية ولست الانانية.
فشاعرنا كلما اصدر قصيدة يقول كنت في مقهى من مقاهي دمشق وكان هناك معروف
الرصافي فاقتربت إليه ,وقلت له :ان لدي قصيدة أريد ان اقرأها لك فبعد البيت الثالث قال له منذ متى تكتب الشعر قال له منذ ثلاث سنوات فقال له مستحيل هذا الشعر لايستقيم إلا من من مارسه 10 سنوات على الرغم من هذه الاناوية عند شفيق ومايتم به شعره من مبالغات إلا أن الانصاف يقتضي النظر إلى شعره في حدود ظروف زمانه ومكانه ويبدو انه لم يسمع بقصيدة التفعيلة ولا بالمتغيرات التي حدثت في الستينات .
دعوني اسمع قصيدة لشفيق جبري وليس نصفها من فلان والنصف الاخر من فلان .
عادل فريجات : شاعر إحيائي
في المحور الثاني من الندوة التكريمية ألقى د. عادل فريجات محاضرة تحت عنوان شفيق جبري شاعراً احيائياً تحدث فيها قائلاً : لامراء في أن (شفيق جبري) مثَّل خير تمثيل الشعر الإحيائي في سورية وهو في هذا الباب لم يكن طائراً مغرداً خارج السرب بل كان واحداً من شعراء أربعة في سورية انتهجوا النهج ذاته...
وقد عاش جبري تفتح شاعريته ونضجه الابداعي في زمن كان يعج بأحداث جسام وكان لهذه الاحداث أًداء في اتجاهه الشعري ومذهبه في القريض.
ولم يكن الاحتذاء والامتصاص والحوار العناصر الوحيدة التي جعلت من جبري شاعراً إحيائياً فحسب بل كان هناك سمات اخرى دعمت هذه الظاهرة وهي عناية جبري الشديدة بالمطلع ظناً منه أن الشعر ( قفل مفتاحه مطلعه) وقد أشار هو إلى ذلك في كتابه (أنا والشعر) بوضوح مدللاً على صيغة شعرية معينة جداً بالتفتيح والتجويد .
كما عني بظاهرة من ظواهر البدع كما يراه ابن المعتز , ظهرت في العصر العباسي وهي ظاهرة رد الإعجاز على الظهور , منها التصريع في الكثير من قصائده ورد الإعجاز على الظهور في كثير جداً من ابياته.
وهكذا نرى ان شاعرنا كان شاعراً إحيائياً بامتياز حاور في شعره نتاج العديد من الشعراء القدامى موحياً بأن قصائدهم كانت قدوة له ومثالاً يحتذى.
د. نذير العظمة
فقد تحدث في محاضرته (الابداع بين الهوية و التراث في شعر شفيق جبري) ان شاعرنا يسلط الضوء على علاقة شعره بالهوية من جهة وبالتراث من جهة اخرى ويعتبر ابداعه امتداداً للموروث الشعري وتجلياً من تجليات الانتماء القومي , ويعلن تمسكه بالنسق او اصطلح عليه بعمود الشعر في قصائده التي أبدعها في الوطنيات والمراثي ووجدانيات التأمل والطبيعة فالعمود بالنسبة لجبري لايعني وحدة الوزن والقافية فحسب بل يعني أيضا ً أغراض الشعر الفنية وانتماء الشعر .
فاللشاعر مساحة من الحرية في الصياغات الشعرية وتميزها بالأسلوب عن المعاصرين من الشعراء والسابقين منهم لكن اللغة وسلامتها عبر العصور تبقى كنزاً مستودعاً في الذاكرة يتم استحضاره من خلال ثورة النفس وقدرتها على التعبير عن إبداعها ومفراداتها في إعادة صياغة الحاضر بمايتفق مع مخزونات الماضي , هذه معطيات يؤكد عليها جبري في تجريته لاسيما في كتابه (أنا والشعر) .