لا شجرة فيها باستثناء حرائج الفرات الطبيعية,ومواقع التحريج الحكومية المحدودة,ومع بداية القرن الحالي تراجعت مشاريع الحراج وأصبحت تحاول جاهدة أن تتمسك بما حققته,أما الزيادات فهي تكاد لا تذكر!.
لماذا هرّبوا محصول الزيتون? لقد أصبحت أشجار الزيتون حقيقة واقعة, ذلك أن مزارع الزيتون انتشرت في مواقع كثيرة وواسعة في المحافظة,وتقول بعض المصادر إن المساحة المزروعة بالزيتون في عام 2004 في الرقة بلغت نحو 8802 هكتار,وتضم نحو 706000 شجرة زيتون مثمرة,وقد أنتجت هذه نحو 7476 طنا, وتقول مصادر أخرى:إن أعداد أشجار الزيتون بلغت في عام 2007 نحو مليوني شجرة,لكن آخرين يصلون بأعداد الأشجار إلى نحو 8 ملايين شجرة.
لا أحد يستطيع أن يعطيك معلومات دقيقة فكلها تخضع إما للمبالغة (إن استقيتها من الناس),أو للتهوين إن (استقيتها من الزراعة) ولو تساءلنا عن الأسباب في زراعة الزيتون,لوجدنا مجموعة من الأسباب,أولها:أن الأشجار عامة والزيتون خاصة استخدم دائما في محافظة الرقة للحصول على أراضي أملاك الدولة,فمن يستولي على تلك الأرض أو يضع يده عليها,سواء أكان الاستيلاء بهدف زراعتها أم إعمارها,فإنه يشير إلى ذلك بغرس أشجار الزيتون فيها,حتى إنني سميته في مقالات عديدة لي »بالزيتون المحتال«.
وثانيها:أن الزراعة البعلية لم تعد منتجة كما في السابق,وذلك لتوالي سنوات الجفاف,وثالثها:رغبة الفلاحين في تجربة محاصيل أخرى غير تلك التي خبروها والتي لم يعد إنتاجها كما في السابق,خاصة وقد اشتكوا كثيرا وطالبوا طويلا بتغيير تسعيرة المحاصيل الزراعية قبل زيادة أسعار المازوت,ورابعها أن الزراعة على الآبار أصبحت مكلفة بل وخاسرة بسبب ارتفاع أسعار المازوت.
الشجرة المباركة تاريخية في الرقة! لقد حوربت زراعة الأشجار المثمرة عموما في محافظة الرقة وخاصة من ا لجهات الرسمية,فقد زرعت الأشجار المثمرة ذات سنة في أراضي حوض الفرات فتبين نجاح معظمها وهي زراعة تاريخية, حيث تشير العديد من المصادر إلى أن الرقة كانت تنتشر فيها زراعة الأشجار المثمرة ومنها:الزيتون والرمان والمشمش والدراق.
وقد اشتهرت الرقة بصناعة الصابون التي تقوم على زيت الزيتون وكانت تنتج أفضل أصنافه وتصدرها إلى بغداد.
لكن الحوض لم يشجع على زراعة تلك الأشجار بما فيها الشجرة المباركة كما أن الزراعة حاربت زراعة الأشجار المثمرة وما زالت حتى لا تحل محل المحاصيل الاستراتيجية: القمح والشعير والقطن,فزراعة المحاصيل تخضع لعدة معايير فملاءمة المنطقة لهذا المحصول أو ذالك ليست المعيار الوحيد,فالرقة التي تلائمها زراعة الأشجار,منعت من زراعتها حتى لا تزاحم هذه المحاصيل الغذائية (القمح والشعير والذرة والمحاصيل الصناعية (القطن).
الزيتون في البادية! يزرع الزيتون في مواقع التشجير الحراجي الحكومي,ويزرع في أراضي أملاك الدولة التي يهدف الأهالي للاستيلاء عليها (لأغراض التوسع العقاري أو التوسع الزراعي) وتنتشر زراعته على نحو كثيف على ضفاف بحيرة الأسد وما حولها,وفي مواقع متعددة من البادية وخاصة بادية الجزيرة في مناطق معيزلية شمال شرق الرقة,وفي مناطق المحودلي والجرنية,وبالقرب من طريق ضفاف البحيرة,أما في بادية الشامية فما زالت هذه الزراعة نادرة.
تجاوز الأهالي الذين تجاور أرضهم ضفاف البحيرة حكاية الحرم, فقد حدد الحرم ذات يوم بألف متر,يخترقها من منتصفها طريق الضفاف فتقوم الحراج بتحريج ال 500 م التي تحاذي البحيرة ويحرج الأهالي ال500 م الأخرى, لكن ما حدث أن الأهالي وصلوا إلى البحيرة بأشجار الزيتون وغيرهاوخاصة أن الحراج بعد عام ال 2000 تراجعت إمكانياتها كثيرا!. ويقول بعضهم إن زيت الزيتون الرقي يضاهي أجود الأنواع, ومما يؤكد انتشار زراعة الزيتون في المحافظة هو مشاريع معامل عصر الزيتون التي وصلت إلى ثلاثة مشاريع فيما نعلم. لا يملك أحد معلومات دقيقة أو مؤكدة عن المساحات المزروعة بالزيتون,ولا أعدادها لأنها قامت خارج النظام,وما يهمنا هنا أن حالة منعها ووضعها خارج النظام,يمكن أن تؤدي إلى كوارث وخاصة أن شجرة الزيتون شئنا أم أبينا أصبحت أحد محاصيلنا,فقد لا نزرع الأصناف أو الأنواع المناسبة لتربتنا,لمناخنا,وحتى لمطالبنا:زيتون المائدة أو الزيتون الغني بالزيت.
وقد نزرع أصنافا لا تقاوم الأمراض أو قليلة الإنتاج ولكن لا يحصل ذلك وحتى لا تذهب جهود الخلق ومالهم وماءهم ووقتهم سدى,علينا أن نرخص هذه الزراعة ونمنحها مشروعيتها ونحدد مواقع زراعتها (ونحن متأكدون أنها توافق المواقع الحالية التي تنتشر فيها فعليا),ونحدد مساحاتها وأعدادها ونتخذ الإجراءات المناسبة وبالتالي نساهم في اختيار الأصناف المقاومة للأمراض والأكثر إنتاجية والأكثر ديمومة.
إن أهل الرقة الذين يستعيدون محصول الشجرة المباركة لأهداف الإنتاج والتطوير يحتاجون ليس إلى الزجر والمنع والحرمان بل إلى تنظيم جهودهم وتوجيهها الوجهة الصحيحة,فالأرض واسعة,وإمكانيات ريها متوفرة وخاصة إن نفذنا ولا بد أن ننفذ أساليب الري الحديث.