وتعتبر أبجدية أوغاريت المكتشفة في محافظة اللاذقية عام 1939 أول أبجدية متكاملة للغة، والتي أصبحت أصلاً لكتابتنا الحديثة، وهي شبيهة باللغة العربية، وتكتب من اليمين إلى اليسار وهي لغة سامية.
وهذه الكتابة عبارة عن ألواح فخارية مكتوبة بالخط المسماري، وقد اكتشف ضمن قصور ملكية يعود تاريخها إلى القرنين الرابع عشر والثالث عشر قبل الميلاد، وبلغ عددها أربعة آلاف لوح، اختصرت عدد الأحرف إلى22 حرفاً.
ومن الجائز أن تكون الكتابة، بمعناها البدائي الذي يدل على رموز من رسوم تعبّر عن الأفكار، قد بدأت بعلامات مطبوعة بالأظافر أو المسامير أو القصب على الطين، وهو لين، بغية زخرفته أو تمييزه بعد أن تمت صناعته خزفاً فالكتابة شأن التصوير والنحت قد تكون في نشأتها فناً خزفياً، ثم تطورت فيما بعد إلى الكتابة المسمارية في بلاد ما بين النهرين والهيروغليفية في مصر، إلى أن ظهرت في الساحل السوري بشكلٍ أكثر تقدماً، وأكثر اختصاراً وقيمة.
وكانت الكتابة الهيروغليفية (وتعني الحروف المنقوشة المقدسة) والتي ظهرت في مصر تتم عن طريق القلم والحبر وورق البردي.
أما في العراق فلم يكتبوا بالحبر سريع الزوال على الورق سريع العطب إنما كتبوا على الطين الطري ونقشوا عليه، ماحفظ للحضارة الوثائق الرسمية المكتوبة، حيث كان الكاتب يجفف اللوح الطيني، بعد الانتهاء من كتابته في النار أو بتعريضه لحرارة الشمس مما جعله محفوظاً بحالة جيدة.
وقد نقل الإغريق عن الفينيقيين أبجدية أوغاريت وأورثوها لأوروبا وللعالم القديم، ثم تطورت الكتابة وتقدمت أشواطاً في العصور التالية، وبدأت المحاولات الأولى لكتابة المفردات وبعض الجمل البسيطة بحيث أصبحت وسيلة لتدوين شؤون الحياة المختلفة والسجلات الرسمية.
وقد ساعدت التجارة على انتشار الكتابة في أرجاء العالم، وبالتالي فإن الثقافة مدينة للتجارة في توسعها وامتدادها، وقد حددت أبجدية أوغاريت المكتشفة في الساحل السوري تاريخ اللغات السامية وتاريخ الديانات السامية، بالإضافة إلى تاريخ سورية في منتصف الألف الثاني قبل الميلاد، ومنها جاء كنز الأبجدية والنوتة الموسيقية، الأثمن والأغلى، لأنهما الأقدم بين آثار العالم القديم.