عوالم وحالات وتناقضات تعيد سلوكية التقليد إلى مرجعية المجتمع, سويته بنيته وثقافته وطريقة تبنيه لأفراده, ففي أحيان كثيرة وبدافع الغيرة الاجتماعية والتقليد الأعمى نرى كثيراً من النسوة يلهثن خلف عمليات التجميل التي باتت دارجة في أيامنا هذه بدء اً من الافراد العاديين وحتى النجوم, وها نحن أمام شاشة التلفزة نكاد لا نستطيع تمييز فنانة من أخرى لإجراء معظمهن عمليات تجميل فللجميع أنف قصير وشفاه غليظة لزوم الإثارة والإغراء, ومعايير جمالية محسوبة بالميلمتر فيها تشيؤ الإنسان وتسليعه, فالتقليد في مجتمعنا في أيامنا هذه اتسعت آفاقه أكثر من أي وقت مضى كونه هناك عالم مفتوح يستفز مشاعر المتلقي بتقليد النموذجية الخارجة عبره.
وكثير من الفتيات في سن المراهقة أخذتهن الحالة بتقليد القرينات في اللباس والموضة مع أن الوضع المادي لا يتيح لهن ذلك وقد يصلن إلى حد الانحراف وهناك حالات واقعية كثيرة لا تخفى على أحد.
الاختصاصية الاجتماعية منال كرم الدين تحدثت حول التقليد وسلبياته فقالت: التقليد فعل لاشك يرتبط ببيئة المجتمع, وقد يشكل جواز مرور للفرد كما أنه يمكنه أن يحمل سمات ايجابية تفتح أمام الفرد آفاقاً ومجالات فيها التجدد والتعرف على عوالم من شأنها خلق التفتح والاطلاع والمعرفة, فالتقليد من السلوكيات الإنسانية التي لعبت دورا هاما في التعلم حتى بين الشعوب والحضارات والثقافات خصوصا اذا ما امتلك المقلد مقومات المحافظة على ذاتيته بالشروط الإنسانية وكان الهدف الجدوى الايجابية, وهنا أشير إلى انتشار التقليد بمعناه السلبي الذي ينحصر في إطار المظاهر والموضة والقضايا الاستهلاكية والرفاهية.
مثلا عمليات التجميل دون داع صحي لها فالتقليد في القضايا الكمالية دون ظرف موضوعي يساعدعلى خلق الخلل الذي يترك تبعات تبدأ ولا تنتهي, فلماذا التقليد في مجالات الاستهلاكية ولا نقلد الآخرين في سياقات آخرى كاحترام الوقت وقيم العمل والقراءة وغيرها..
وفي المحصلة ترتبط حالة التقليد بقضية التنشئة الاجتماعية والثقافية والتوعية التربوية والذي يطلب حاليا أكثر في ظروف عالم الاتصالات والاعلام والاعلان الذي يستحث اللحاق بالركب الاستهلاكي ما يتوجب على الفرد امتلاكه مقدرة التمييز والفرز والموقف الايجابي.