|
حوار استعادي بين الموسيقار والعندليب فضائيات
وفي سياق استعادتها لروائع الحوارات التلفزيونية القديمة عرضت القناة لقاء بالأسود والأبيض مع الموسيقار الخالد فريد الأطرش والعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ, اللذين حلا ضيفين في استوديو واحد وقام الإعلامي عادل مالك بإدارة الحوار بينهما. والحوار الذي أعيد بثه بعد مرور سنوات طويلة على رحيل الفنانين الكبيرين تميز بندرته ومخالفته للسائد والمألوف في الحوارات التلفزيونية والإذاعية, إذ قلما نشهد لقاء يجمع بين نجمين كبيرين في مجال واحد تنافسا لسنوات طويلة وانقسم الجمهور حولهما ولايزال الانقسام قائماً حتى الآن. فلقاء الموسيقار بالعندليب أعطى دلالة قاطعة لاتقبل الجدل, على أن الكبار هم الأكثر تواضعاً لسبب بسيط هو أنهم يمتلكون ثقة غير محدودة بأنفسهم. هكذا قدما درساً في التواضع على الصعيد الإنساني وأعطيا صورة رائعة لاتمحى من الذاكرة الجماعية, عن عظمة وتواضع فناني أيام زمان, حيث تحدثا بعمق وبصدق وبروح مشتركة بعيدة كل البعد عن نزعة الأنانية, وبعكس نجوم الزمن الراهن الذين يطلون علينا على الشاشات الفضائية, وكل واحد منهم يسعى لإلغاء الآخر, وعدم الاعتراف بجمهوره, إضافة إلى ماتقدمه تلك الفضائيات من برامج حوارية لها طابع الفضائية والتشهير والإثارة الهادفة إلى الإيقاع بين الفنانين بقصد تشويه صورتهم وتحريك الرأي العام ضدهم. أبرز مالفت انتباهي في هذا الحوار الاستعادي هو اعتراف عبد الحليم حافظ باستاذية فريد الأطرش, حيث قال والحوار مسجل لدينا( أنا أتمنى أن أكون مثل فريد الأطرش وأضاف: فريد لايقارن إلا مع محمد عبد الوهاب لأنه مثله يلحن ويغني أما أنا فلست أكثر من مؤد لألحان الآخرين وهنا رد عليه فريد قائلاً: أنت تؤدي الألحان بطريقتك وبإحساسك الخاص ولك جمهورك وأنا لي جمهوري وهنا علق عبد الحليم مازحاً: سوف أغني في حفلتي القادمة لجمهورك موجهاً كلامه إلى فريد الأطرش. ومن خلال الأغنية التي بثت خلال اللقاء المشترك, وهي سنة وسنتين لفريد الأطرش عرفنا أن الحوارمسجل في نهاية الستينات حين عاد الأطرش إلى مصر بعد غياب لسنوات قضاها في لبنان أتساءل: هل يستطيع إعلامي اليوم على كثرة القنوات الفضائية أن يجمع نجمين من رموز الغناء الهابط على المحبة والتواضع والاعتراف بالآخر. فهذه الاستعادة الحوارية التاريخية تؤكد أن الإعلام الفني المرئي كان يركز في الماضي لإزالة حالات الغموض والالتباس والشك في خطوات الوصول إلى الصورة النموذجية والمثالية التي ميزت سلوكيات كبار نجوم الزمن الجميل. وإعلام اليوم, الذي وصل إلى الطريق المسدود على الأقل في طريقة تدخله في الحياة الخاصة للنجوم وصولاً إلى إشاعة الخلافات فيما بينهم وسوى ذلك من الممارسات التي تؤثر على نظرة الجمهور إلى الفنان ما ينعكس سلباً على نجوميته واستمراريته. هكذا تحولت الشاشات الفضائية إلى إعلام أصفر مرئي- وهذا أخطر من الصحافة المكتوبة, حيث لانجد اليوم في البرامج التلفزيونية الحوارية والفنية, سوى الروايات المفبركة وحالات الادعاء والغرور والقطيعة والفضائح والشتائم التي تجاوزت كل الإشارات والخطوط الحمراء في أدبيات العمل الإعلامي. adibmakhzoum@ hotmail. com
|