|
أوكامبو ... سياسة المعايير المزدوجة شؤون سياسية دون غيرهم لتقديمهم إلى المحكمة الجنائية بتهم يبتدعها هذا المدعي وقد سبق له أن قدم مذكرات توقيف واعتقال بحق رؤساء دول في المنطقة أظهرت بمجموعها حقيقة مواقف هذا المدعي، وكيفية تعاطيه مع الإشكاليات العالمية المختلفة. إذ سبق للمدعي العام أوكامبو (الأرجنتيني الأصل) قبل عامين أن طالب المحكمة الجنائية الدولية بتقديم الرئيس السوداني عمر حسن البشير إلى المحاكمة ثم واصل توجهه بمطالبة المحكمة بتوقيفه، وعدم السماح له بمغادرة السودان، واعتقاله في حال سفره خارج البلاد وقدم أوكامبو حججه آنذاك المتضمنة مسؤولية البشير عن الاقتتال في إقليم دارفور، كذلك عن عدد الضحايا والمجازر في هذا الإقليم. وقدم لاحقاً توصية إلى الدول الموقعة على ميثاق روما بشأن المحكمة الجنائية الدولية حول ضرورة الإلتزام ببنود الميثاق وتالياً اعتقال رئيس دولة ذات سيادة. ونشير هنا إلى أن أوكامبو لم يزر إقليم دارفور ولو مرة واحدة وبنى تصوراته. وتالياً اتهاماته بناءً على تقارير لم يحدد أصلها أو مصادرها. كما أنه لم يتشاور قبل تقديم اقتراحه الذي تبنته المحكمة الجنائية الدولية بسبب من طبيعة تركيبتها وبالتالي ماهية توجهاتها وقراراتها مع الدول الأعضاء، واستفاد من موقعه الحقوقي في إصدار مذكرة الاتهام ولاحقاً الاعتقال بحق الرئيس البشير. وعاود أوكامبو تكرار ما أصدره بحق البشير مع الأزمة الليبية وخاصة مع رموز نظام العقيد القذافي إذ رفع طلباً إلى القضاة في المحكمة الجنائية ينص على ضرورة إصدار مذكرة اعتقال بحق القذافي وأفراد من عائلته تنفيذاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973 (الذي نص على حماية المدنيين الليبيين شكلاً، وعملياً على التدخل العسكري في ليبيا، هذا في الوقت الذي أفادت فيه مصادر حقوقية مطلعة إلى أن أوكامبو جاهز لرفع الطلب إلى القضاء بحلول منتصف شهر حزيران القادم للتضييق على أي حلول وسط أو تسوية متوازنة لأطراف الأزمة الليبية، وتشير هذه المصادر أيضاً إلى أن هذا الملف- الدعوة سيشمل ثلاثة عناصر رئيسية هي مجلس الأمن الدولي، المدعي العام أوكامبو، العقيد القذافي نفسه. ودون الخوض في ازدواجية المعايير التي يمارسها أوكامبو وتالياً المحكمة الجنائية الدولية، وخاصة تجاه إشكاليات منطقتنا فإنه لابد من الإشارة إلى عدد من المسائل التي يتجاهلها المدعي العام ومنها: الاستفادة من القرارات الدولية العامة، والاستناد إليها في حملته التصعيدية ضد الأشخاص والرموز والأنظمة التي تشير إليها هذه القرارات بغض النظر عن توازنها أو عدمه. التغاضي الكامل والصمت المطبق عن الجرائم التي قام بها ولايزال الكيان الصهيوني ورموزه وأخرها العدوان على غزة نهاية عام 2008، وعدم المطالبة بتقديم هذه الرموز للمحكمة الجنائية الدولية لابل تجاهل هذا العدوان وتبعاته حقوقياً وإنسانياً. عدم التعاطي والتجاهل التام للكثير من الجرائم الجارية في العديد من دول الشرق الأوسط وخاصة العراق وآفغانستان ومنطقة الحدود الباكستانية- الأفغانية وقتل المدنيين وانتهاك السيادة الوطنية والضرب عرض الحائط بأنظمة الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية نفسها. تسيس أوكامبو للمحكمة الجنائية الدولية من موقعه كمدعٍ عام، وما يؤشر إليه هذا التسيس من المس بمصداقية هذه المحكمة التي اعتقد الكثيرون أنها قد تشكل منبراً للدفاع عن حقوق الشعوب وقادة الحركات التحررية- الاستقلالية ومايمثلونه. بقي أن نشير إلى أن تشكيلة المحكمة الجنائية الدولية وإقرار أنظمتها وقوانينها قد خضعت لابتزاز أميركي، تبعه انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من عضوية هذه المحكمة، وتالياً تنصلها من أي قرارات تصدر عنها. كما أنه لابد من الإشارة إلى أن الإدارة الأميركية قد عقدت اتفاقيات ثنائية مع الكثير من الدول الموقعة على إقامة هذه المحكمة تتضمن إعفاء الأميركيين جنوداً ومواطنين من قراراتها وتالياً بقاء أميركا خارج إطارها وقراراتها. وإبقاء هذه المحكمة سيفاً مسلطاً على الآخرين باستثناء الأميركيين، واستخدامها أداة ضغط على من يخالف، أو يتعارض مع سياسة واشنطن، وهذا هو الأهم والأخطر في توجهات المحكمة الجنائية الدولية وسياساتها. باحث في الشؤون الدولية batal-n@ scs-nt.org
|