حيث حملت تلك السنوات تبدلات عميقة على صعيد النشر وعلى امتداد البلاد فقد عاد القراء الروس خاصة جيل الشباب منهم الى أدب النوع ليكتشف العالم ان تسعينات القرن الماضي كانت حبلى بطلاق بين النقد ودور النشر من جهة، وبين شارع القراء من جهة أخرى رغم ازدياد عدد الجوائز الأدبية الروسية مثل البوكير الروسي والجائزة الوطنية للكتاب الأكثر مبيعا وجائزة الكاتب الكبير وجائزة ياسنايا بوليانا.
الا أن تلك الجوائز لم تترك اثرا كبيرا على صعيد المبيع عكس مايحصل في فرنسا والولايات المتحدة أو بريطانيا على سبيل المثال , فقبل عقدين من الان كان النقاد يتجاهلون أدب الشارع لكن سرعان ماتغيرت المعادلة مع مطلع الألفية (سنوات الصفر) حين نزل الى الساح الجنس الاخر من القارئات النهمات اللواتي سجلن أعلى نسب شراء في طول البلاد وعرضها ولتحتل الاقلام النسوية رأس قائمة الأدب الأكثر مطالعة باللغة الروسية حيث تعاطفت القارئات الروسيات وهن الشريحة الاوسع مع الأديبات اللواتي يتمتعن بشهرة عالمية اليوم.
وكانت احدث الروايات التي حطمت أرقام المبيع رواية «زمن النساء» للكاتبة ايلينا جيزهوفا التي تأتي في طليعة الأدب النسوي وهي أديبة أكاديمية من بطرسبورغ حصدت جائزة البوكير الروسية لعام 2009.
وتفيد الاستبيانات في روسيا أن الجنس اللطيف يقرأ أكثر من الجنس الخشن لذلك كان النجاح حليفا لروايات:دينا روبينا, تاتيانا تولستوي, أولغا سلافينكوفا....
يضاف اليهن ملكات الرواية البوليسية دون منازع أمثال: ألكسندرا مارينينا ,تاتيانا أوستينوفا ,داريا دونتسوفا.
وقد جاءت سنوات الصفر بمثابة العصر الذهبي لاكتشاف ادباء من تسعينات القرن الماضي على غرار فيكتور بيلوفين وفلاديمير سوروكين وغيرهم ممن استطاعوا أن يجعلوا قراءهم يواظبون على متابعة أعمالهم فقراءة أعمال هؤلاء هي ثقافة بحد ذاتها وانتماء لفئة المثقفين الجدد كما حملت سنوات الصفر جيلا من الكتاب في الثلاثينات من اعمارهم مثل:زخار بريلوبين ,الكسي ايفانوف, ديمتري نوفيكوف الاقرب الى الواقعية، والذين رفضوا اسقاط علم النفس في الأدب وعلى سبيل المثال فقد عشق جمهور موسكو بريلوبين على روايته الحدث «سانكيا» التي تروي تحركات شاب متمرد يثور على الرأسمالية بأشكالها المتبدلة ,أما زميله ألكسي ايفانوف فقد حقق أعلى المبيعات في روايتيه «ذهب التمرد»,»قلب بارميه» وايفانوف هذا ينحدر من منطقة الأورال وهو اتنوغرافي متخصص بدراسة شعوب الأورال مسقط رأسه والتي يصفها ب «العمود الفقري لروسيا» , بينما يروي رومان سانتشين مأساة أسرة روسية من الطبقة المتوسطة تجرفها المتغيرات والظروف الاقتصادية المالية الجديدة التي تهز المجتمع الروسي اليوم.
السير الذاتية لأعلام الادب الروسي تحقق أيضا شعبية واسعة خاصة أن من يدونها هم جهابذة الكتاب اليوم مثل ديمتري بيكوف الذي يروي حياة بوريس باسترناك والكسي فارلاموف الذي يروي حياة ألكسي تولستوي.
إيلينا جيزهوفا من مواليد 1957 وهي اختصاصية في العلوم الاقتصادية من أبرز مؤلفاتها: «زمن النساء» و«الدم المختلط» , «المجرم»
ألكسي ايفانوف المولود عام 1969 يعتبر خليفة بوشكين من أبرز أعماله «الجغرافي يشرب مجرته», «قلب بارم».
فيكتور بيلوفين اختصاصي بالثقافات الشرقية والبوذية من اهم رواياته «جيل جديد» , «كتاب السحرة» كذلك الأمر بالنسبة لفلاديمير سوروكين الروائي الملتزم في حياته ومؤلفاته التي جاوزت شهرته حدود روسيا مثل:«يوم في حياة اوبريشنيك», «الجليد».
أيضا من الاعمال التي تلقى اهتماما كبيرا الأعمال الوثائقية التي تسلط الضوء على الماضي السوفييتيي لروسيا مثل رواية «فيرباتيم» تأليف ليليانا لونغينا والدة السينمائي المعروف بافيل لونغين وهي مترجمة معروفة نقلت اعمال بوريس فيان وهنريك ايبسن حيث عاصرت المرحلة الستالينية وتوفيت عام 1998 وقد روت قبل وفاتها محطات من حياتها للكاتب أوليغ دورمان الذي أنتج فيلما حول حياتها وكتب سيرة الروائي بوريس اكونين والصحفي ليونيد بارفيونوف ليحقق الفيلم والكتاب نجاحا جماهيريا منقطع النظير ويعتبر بارفيونوف من أشهر الصحفيين في التلفزيون الروسي وهو صاحب كتاب «دائرة معارف الاتحاد السوفييتيي» وعنوان دائرة المعارف «زماننا» وكل جزء من هذا المؤلف يتحدث عن عقد أو أكثر من الزمن.