تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


النبض الوطني في الفيلم الروائي السوري

سينما
الأثنين 23-5-2011م
محمد قاسم الخليل

شكلت القضايا الوطنية موضوعا مفضلا للأفلام الروائية الأولى في مؤسسات القطاع العام، وتجلى هذا الاهتمام في موضوعين رئيسيين هما التعلق بالوطن والأرض والكفاح الوطني ضد الاستعمار،

وقد اقتصرت مواضيع الكفاح الوطني على النضال ضد الاستعمار الفرنسي والاحتلال الصهيوني، كما احتلت قضية فلسطين مكانة متقدمة في  الأفلام السورية . وتنوعت طرق التناول والمعالجة تبعا للرؤى الفكرية والفنية التي ينطلق منها صناع الفيلم ،فقدم بعضها القضية بشكل مباشر، في حين لامست أفلام أخرى القضية الوطنية من بعيد ،ودخلت أخرى في قلب القضية وعالجت بطريقة فنية متقنة ،فغاصت في جوهرها،لافتة إلى جذور الأسباب وعبر بسط عقلاني هادئ  يتيح وصول الفكرة بشكل مؤثر وفعال .‏

وإذا استعرضنا موضوع النضال ضد الاستعمار الفرنسي نجد أن التلفزيون السوري كان السباق إلى إنتاج فيلم سينمائي طويل بتوقيع المخرج أحمد أبو سعدة تصويرا وإخراجا بعنوان (وتشرق الشمس من جديد) تأليف وليد مارديني عام 1966ويتحدث عن الثورة السورية ضد الاحتلال الفرنسي وصور (أبو سعد) فيلماً بعنوان (انتظار)عن قصة (التراب الحزين) للدكتور بديع حقي. وأنتجت مؤسسة السينما عدة أفلام دارت أحداثها في زمن الاحتلال الفرنسي،وأغلبها نقلت عن روايات لكبار الأدباء،وكانت البداية بفيلم قصير عن قصة قصيرة لزكريا تامر بعنوان (شموس صغيرة ) أخرجه خالد حمادة في عام 1969 ، وفي عام  1979 أخرج نبيل المالح فيلم (بقايا صور) عن رواية لحنا مينه ، وفي عام  1985 تناول المخرج محمد شاهين قصة أخرى من قصص حنا مينة بعنوان (الشمس في يوم غائم) وعبر خيوط درامية متشابكة يروي الفيلم تطور الوعي الوطني لدى شاب بورجوازي تائه لكنه في النهاية ينحاز إلى القوى الوطنية المناهضة للاحتلال. كما أخرج محمد شاهين في عام 1994 فيلما بعنوان (آه يابحر ) عن رواية (الدقل ) لحنا مينة وفيه يتناغم الهم الخاص مع الموضوع الوطني .‏

وننتقل إلى عام 2008 فبمناسبة دمشق عاصمة الثقافة العربية أنتجت مؤسسة السينما فيلمين عن دمشق أخذا عن روايتين ،تدور أحداثهما في المدينة خلال فترة الاحتلال الفرنسي . الأول بعنوان (حسيبة) يتناول حياة نساء دمشقيات بتوقيع المخرج ريمون بطرس عن رواية  لخيري الذهبي  تتناول مرحلة من تاريخ دمشق تمتد من عام 1927  إلى عام 1950في رصد لمجموعة من التحولات في المجتمع الدمشقي ، مع التركيز على شخوصه النسائية . والفيلم الثاني (دمشق يا بسمة الحزن ) إخراج ماهر كدو عن رواية لألفة الادلبي تدور أحداثها في حقبة الاحتلال الفرنسي لسورية وتركز على جوانب اجتماعية  إلى جانب الهم  الوطني ،حيث تركز الكاتبة على العلاقة الجدلية بينهما،وجعل شخصيتها الرئيسية تمثل الوطن ،كما يمثل شقيقها الذي يستشهد بعد معركة مع الفرنسيين الأبناء البررة حماة الوطن.‏

وإذا انتقلنا إلى الحديث عن الأفلام التي تحدثت عن القضية الفلسطينية والنضال ضد الاحتلال الصهيوني، نلاحظ أن الإنتاج السينمائي السوري أعطا اهتماما ملحوظا في قطاعيه العام والخاص. وكانت أغلب أفلام القطاع الخاص تتحدث عن العمليات الفدائية داخل الأرض المحتلة، ولكن النقاد أخذوا عليها جنوحها للخيال مع أن بعضها تحدث عن وقائع وردت في الأخبار ،ومن تلك الأفلام (الفلسطيني الثائر )إخراج رضا ميسر و(فداك يا فلسطين)إخراج أنطون ريمي و(ثلاث عمليات داخل فلسطين) إخراج محمد صالح كيالي و(عملية الساعة السادسة )إخراج سيف الدين شوكت، وسرعان ما اختفت تلك الموجة من الأفلام . أما أفلام القطاع العام فقد كانت قضية فلسطين محور اهتمامها وشكل موضوعها حيزا ملحوظا من أفلام السبعينيات بشكل أكثر نضجا ووعيا ، ،بل اقتربت أغلب أفلام مؤسسة السينما في تلك الفترة من قضايا الصراع  العربي الصهيوني ودخل بعضها في العمق، بينما لامست بعض الأفلام قضية النضال ضد الاحتلال الصهيوني بدرجات مختلفة .‏

وفي مطلع السبعينيات قدمت مؤسسة السينما فيلم (رجال تحت الشمس) وكان عبارة عن ثلاثة أفلام روائية قصيرة تناولت القضية الفلسطينية من ثلاثة جوانب مختلفة ، وهي (اللقاء) لمروان مؤذن و(المخاض) لنبيل المالح و(الميلاد)لمحمد شاهين. وفي عام 1972 ظهر فيلم (السكين) للمخرج خالد حمادة عن رواية غسان كنفاني (ما تبقّى لكم) وتعكس قصته جانباً من مأساة الشعب الفلسطيني .ومن الأفلام الهامة في تلك الفترة فيلم (المخدوعون) إخراج توفيق صالح عن قصة غسان كنفاني (رجال في الشمس) عن ثلاثة فلسطينيين يحاولون الهروب من أوضاعهم البائسة إلى دولة خليجية بطريق التسلل .وأنتجت مؤسسة السينما في عام 1974 فيلم (كفر قاسم )إخراج برهان علوية عن قصة لعاصم الجندي، ويعد من أهم أفلام القضية،إذ يتناول الفيلم مجزرة قرية كفر قاسم التي قامت بها  قوات الاحتلال الصهيوني، ويمزج الوثيقة بالرواية ضمن تحليل ناضج، يوضح حقيقة المجزرة.ويعد فيلم (الأبطال يولدون مرتين)لصلاح دهني نموذجا من أفلام تدغدغ المشاعر ويرصد تطور الوعي النضالي عند طفل يصطدم وجهاً لوجه مع جيش العدو. وثمة أفلام لامست قضية الصراع في سياق أحداث اجتماعية ومنها)ليالي ابن آوى( لعبد اللطيف عبد الحميد)، و( الاتجاه المعاكس )لمروان حداد و(الليل )لمحمد ملص و(الترحال) لريمون بطرس و(شيء ما يحترق) لغسان شميط و( والأحمر والأبيض والأسود)لبشير صافية،و (ما يطلبه المستمعون ) لعبد اللطيف عبد الحميد الذي يعد قصيدة سينمائية مفعمة بالحب والجمال .‏

ويبقى لدينا فيلمان أنتجتهما مؤسسة السينما خلال الفترة الأخيرة عن النضال ضد الاحتلال الصهيوني،الأول أنتج منذ ثلاثة أعوام عن نضال أهلنا في الجولان بعنوان (الهوية)أخرجه غسان شميط عن سيناريو كتبه وفيق يوسف ،ويتناول موضوع التمسك بالهوية السورية في الجولان المحتل ضمن فكرة درامية إنسانية في بنائها وعلاقات شخصياتها . كما أنتجت المؤسسة عام 2009 فيلم (بوابة الجنة) إخراج ماهر كدو عن رواية لحسن سامي اليوسف،،ويرصد الفيلم الواقع الفلسطيني في الأشهر التي سبقت انتفاضة عام 1987، من خلال عائلة فلسطينية.‏

وهكذا نجد أن السينما السورية اهتمت بالقضايا الوطنية وفي مقدمتها قضايا النضال ضد الاحتلال،وتشكل تلك الأفلام مجموعة ليس لها نظير في الإنتاج السينمائي العربي،وأغلبها يعد علامات بارزة في تاريخ السينما العربية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية