تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


على أرض الجولان..امتزج الدم العربي في صنع الانتصار... الجرحى: قدمنا الولاء للأرض ممهوراً بالشهادة

الجولان في القلب
الأثنين 23-5-2011م
إسماعيل جرادات

في الخامس عشر من الشهر الجاري تشابكت أيدي السوريين والفلسطينيين..اجتازوا الحواجز التي وضعها المحتل الارهابي الصهيوني، ودخلوا أرض الجولان فامتزج دمهم بطهر تراب الجولان،

‏‏

وسقط الشهداء الذين رووا بدمائهم الطاهرة الأرض التي اشتاقوا إليها منذ زمن بعيد،لكن حواجز الخوف لم ترهبهم بل على العكس لقد أرهبت هذه الحواجز واضعيها لأنها حواجز مصطنعة لاتخيف ممن ولدوا وتربوا على أن العودة إلى الديار قريبة وقريبة جداً وليست مستحيلة.‏‏

هكذا امتزج الدم السوري مع الفلسطيني مع اللبناني ليعلن حالة الانتصار الذي صنعه الآلاف من الشباب المؤمن بقضيته وحقه في أرضه التي اغتصبها الصهاينة الإرهابيون..‏‏

‏‏

فمن شاهد دخول الشباب والنساء والشيوخ والأطفال وهم يتجاوزون الأسلاك الزائلة ويصلون إلى قرية مجدل شمس لابد وأن يقول: إن إسرائيل وجيشها مجرد وهم سقط من خلال دخول أولئك المؤمنين بحقهم في العودة إلى أرضهم... أرض آبائهم وأجدادهم...قالوا لأرضهم..صباح الخير ياجولاننا صباح الخير يافلسطيننا...لقد أنجزنا اللقيا... وقاومنا جلادكما...واستمعنا بخجل إلى أوجاعكما وآهاتكما وننتظر...في فجر آتيناك ياجولان...آتيناك يافلسطين..نبحر إليكما أبطالاً..أحراراً لانخشى‏‏

الموت...كرمى لعينيكما تقول الروح لبيكما، وفي فجر أتانا سيف مغتصبكما ليسكر من خمر دمنا..لينهش لحم أمتنا ولكن..قسماً بعزتنا.. بعروبتنا.. بسوريتنا بفلسطينيتنا...‏‏

‏‏

قسماً بعفتنا بماتبقى من شرف العرب..هانحن قد أتينا مع الصبح...صبح النصر في الجولان..في فلسطين جئنا لنحمل راية العزة في أعيننا...في قبلتنا مجد يتهيأ في مهده يسقيه شعب من جرحه يقتات..من دمه يتعمد من وله الأحرار... جئنا نتوق النفس للإبحار إلى زمن..إلى قدر يهدد ضمائر من باعوا القضية لغاز محتل غدار.. جئنا نحمل إليك ياجولاننا الغالي..ويافلسطيننا الجريحة طهر كل السوريين الذين لم يبيعوا القضية وحملوا همنا إلى يوم الدين...‏‏

تألق‏‏

تعانق العلمان السوري والفلسطيني فوق أرض جولاننا الحبيب... مشهد أسطوري فيك ياجولان، مشهد كان في الخامس عشر من الشهر الجاري سيظل ماثلاً فينا كل يوم لأنه لن يكون المشهد الأول والأخير... مشهد الفلسطينيين يدخلون الجولان، وأهلنا في الجولان يحتضنونهم،ومنظر جنود الإرهاب الصهيوني وهم يفرون أمام الزاحفين إلى فلسطين، منظر لن يمحى من ذاكرتنا،إنها لحظة تاريخية أسطورية وهم يعبرون حقول الألغام، وقطعوا الشريط المصطنع ليواجهوا جنود الاحتلال بأجسادهم العارية، ويسقط منهم الشهداء والجرحى، وقد جال الشباب والرجال والنساء والأطفال بمظاهرة في مجدل شمس المحتلة،تلاحمت هذه المظاهرة مع أهلنا في الجولان المحتل الذين استقبلوا أهلهم استقبال الأبطال، وحموهم كما هو عهد أهالي الجولان الذين قدموا الغذاء والدواء للجرحى، واستقبلوهم بعرس وطني في ساحة سلطان باشا الأطرش.‏‏

‏‏

ومع وصول الأبطال أبطال العودة من السوريين والفلسطينيين ساحة مجدل الشمس حاول جيش الصهاينة اقتحام الساحة لكن دون جدوى لأن أبناء الجولان صدوهم بمايملكون من وسائل بهدف حماية الأبطال القادمين من وطنهم الأم قائلين لهم: لقد فعلها الرجال... الله أكبر ياأخوتنا من أبناء الوطن الأم ومن أبناء فلسطين لقد رفعتم رؤوسنا عالياً...عالياً...‏‏

يوم مفصلي‏‏

إذاً لم يعد يوم الخامس عشر من أيار يوماً للخجل والذل جراء النكبة والبكاء على أطلال القضية...‏‏

صار هذا اليوم من العام 2011 يوماً مفصلياً في التاريخ العربي... يوم حفر وسيحفر جيداً في الوجدان العربي والإسلامي والعالمي...يوم بدا فيه السوريون والفلسطينيون أكثر من أي يوم مضى ومعهم بعض أهل العرب والمسلمين أكثر إصراراً على إعادة تصويب البوصلة..‏‏

‏‏

نعم كل القلوب..وكل العيون تصوبت في ذاك اليوم إلى تلك الحدود وأي حدود تفصل بيننا وبين أولئك الغادرين الصهاينة...هي عبارة عن حدود وأسلاك وهمية كما قلنا، وعلى الصهاينة أن يعيدوا النظر في كل حساباتهم، وأن يشعروا وبشكل فعلي بخطر وجودهم، ولايمكن أن يقيهم من تلك الجموع الزاحفة لا قبة فولاذية ولا صاروخ أميركي ولا طائرة أواكس ولا كل أسلحة الدنيا ولا جدار فاصل ولا معاهدات ذل ولا ترسانة أسلحة ولا الأساطيل الأميركية..‏‏

في الخامس عشر من الجاري امتزج الدم الفلسطيني بالدم السوري، هذا الدم العربي سال بغزارة من مجدل الشمس لكنه دم نقي..طهور روى أرض الجولان بطهره ونقائه...‏‏

تحقيق الحلم‏‏

فها هو حسن حجازي الفلسطيني المقيم في سورية ابن الثامنة والعشرين من العمر يحقق حلمه... حلم آبائه وأجداده في أن يعود إلى يافا، حيث البيارات والبيت العتيق الذي ينتظر ابنه الذي لم يولد في فلسطين،ولكنه حمل حلم العودة منذ أن رأت عيناه الحياة... حسن حجازي الذي أراد وضع حد لمأساة النكبة والنزوح بالعودة إلى مسقط رأس والديه وإلى وطن الأجداد رغم أنف الغزاة المحتلين حيث يقول:‏‏

إن القانون الصهيوني لايهمني ولاأعترف بشيء اسمه الكيان الإسرائيلي،وأنا أقول هذا من قلب هذا الكيان لاأخاف شيئاً لأن إيماني بقضيتي أقوى من كل آلات الحرب التي يستخدمونها ضد أبناء شعبي.‏‏

لقد تخطى حجازي الحدود في الجولان المحتل ووصل إلى يافا من خلال شبكة التواصل الاجتماعي، هو مهندس يعمل في وزارة التربية... ترك زوجته وهي حامل وهو يقول: شكراً سورية.. شكراً سورية..إننا عائدون...‏‏

لقاءات‏‏

الحاج خميس أبو غصاب البالغ من العمر ثمانين عاماً قال: لقد دخلت أرض الجولان التي أعرفها شبراً شبراً لأنني كنت أحد الفلسطينيين المقيمين في الجولان بعد أن طردنا من وطننا فلسطين...‏‏

وتابع قائلاً: لقد دمعت عيناي وأنا أقبل تراب الجولان الغالي الذي هو عندي كما تراب فلسطين...وأقول لكم وبكل صراحة لقد كان الصهاينة مرعوبين وخائفين من هذا الزحف البشري الذي لم يستطيعوا السيطرة عليه لأنه كان كما البحر الهائج شوقاً وحباً إلى رؤية الأرض التي اشتقنا لرؤياها، كان الشوق على قدر المحبة... صليت فوق تراب الجولان...شربت من ماء مجدل شمس الصامدة مع جاراتها من القرى الجولانية التي مازالت تحت الاحتلال...‏‏

وأضاف قائلاً: لقد كان شعوري كما لو ولدت من جديد وأنا الطاعن في السن...لقد كان حلمي أن أصل إلى ساحة مجدل شمس كما هو حلمي أن أصل إلى قريتي في فلسطين المحتلة، لكنني أرى أن يوم العودة إلى ذاك البيت الذي مازال ينتظرنا قريب وقريب جداً...‏‏

الحلم تحقق‏‏

من جانبها والدة الأسير حسن حجازي قالت: لقد كان حلم حسن أن يرى بيتنا في يافا، وها هو يحقق الحلم الذي لم نستطع نحن تحقيقه...‏‏

وتابعت قائلة: لقد كان حسن يكثر من الأسئلة عن مكان وجود بيتنا وفي أي شارع يقع وكم يبعد عن الشارع الرئيسي في يافا وكنا دائماً نعطيه بعض الأجوبة، وفي بعضها الآخر يصمت الكلام...لكن وبكل فخر واعتزاز لقد حقق حسن حلمه وحلم أبيه وعاد إلى يافا وتمشى في شوارعها قبل أن تقوم قوات الإرهاب الصهيوني باعتقاله والتحقيق معه...‏‏

وأضافت: لقد قام حسن بفعل أفخر به... لقد كان يعتز بأنه من الفلسطينيين الذين يقيمون في سورية... سورية التي لم تفرق بيننا وبين أي سوري لذلك نحن تعلقنا بها ونقولها بكل اعتزاز: إننا نفتديها بكل مانملك كي تبقى الحصن المنيع المدافع عن قضيتنا وعن عروبتنا وعن وجودنا...‏‏

سورية بلد الممانعة والمقاومة سنبقى ندافع عنها حتى آخر قطرة دم في عروقنا...‏‏

الجرحى علاء ومحمد ومحمود وأحمد وثائر وغيرهم كثيرون، جميعهم أكدوا أن اجتيازهم للشريط المصطنع لن يكون الأول والأخير...وإنهم سيجعلون العدو الصهيوني يعيش حالة رعب حقيقي لأن الشريط الموضوع كحد فاصل بين أرض سورية والجولان المحتل ما هو إلا شريط وهمي لا يحمي إسرائيل من جولات جديدة كالتي حصلت في 15 أيار، مشيرين إلى أن الدم السوري قد امتزج بالدم الفلسطيني انتصاراً للقضية الفلسطينية كونها قضية شعب يريد أن يعود إلى أرضه التي طرد منها، وأن الكيان الصهيوني هو كيان طارئ سيزول لا محالة..‏‏

وتابع الجرحى قائلين: الله أكبر ياجولان.. الله أكبر يا فلسطين هذا هو شعبكما قد جاء يحمل دمكما في عروقه إينما كان... هذا هو صك الولاء للجولان... لفلسطين، صك الولاء الممهور بالشهداء المسطر بالدم على ثرى الجولان الطاهر...‏‏

قد قام جيل يحرركما من قيود السجان الصهيوني.. هانحن نرفع العلمين السوري والفلسطيني على ناقلة جند صهيونية.‏‏

وختموا قائلين: إننا قادمون...مقبلون غير مدبرين.. أرضنا وإن جارت علينا عزيزة.. بحبك يا جولان.. بحبك يافلسطين سنعود من جديد ونعيد الكرة من جديد.‏‏

مجدل شمس قالت كلمتها‏‏

أهلنا في مجدل شمس قالوا مرحبا بالأبطال مرحبا بالميامين نقبل أقدامكم.. نقبل جبهاتكم.. عناق ودموع.. وهتاف للحرية واستنشاق لعبير دمشق المحمل مع كل مناضل حر وداس أمن إسرائيل وجبروتها متجها إلى فلسطين.‏‏

إطلاق الرصاص قابله الحجر..وقنابل الغاز المسيلة للدموع أعادوها لمغتصبي ديارنا.. فحضرت الطائرات وقوات أخرى معززة بالسلاح فجوبهت بالصدور العارية وزرع علم فلسطين والعلم العربي السوري على احدى المركبات العسكرية ليسقط الشهيد الأول والثاني والثالث والرابع..‏‏

في الميدان في قرية مجدل شمس هبت النخوة العربية الأصيلة، نخوة الجولانيين الأحرار، فأقام أهالي البلدة محطة طوارىء من أطباء وممرضي ومسعفي الجولان المحتل، وآخرون نقلوا الحجارة واحضروا الحليب والبصل لمواجهة غاز العدو، ومنهم من نزل ليسعف الجرحى ويساعد بالعبور، وأما النساء فعلت زغرودتهم مرحبة بالأبطال حاملي بيارق النصر والحرية.‏‏

لم يتوقفوا عند هذا الحد.. فأبوا الا ان يستمروا فكان منهم من يرمي الحجارة ويجابه العدو وآخرون يسيرون في شوارع مجدل شمس ويدخلون شارع طريق الشام الى ساحة سلطان باشا الأطرش ويضعون بيرق الحرية علم فلسطين والعلم العربي السوري على سيفه الذي طالما رفع بوجه المستعمرين والغزاة.‏‏

أخيراً نقول:‏‏

إن هؤلاء الأبطال الذين استطاعوا أن ينجزوا ما خططوا له، هم طلائع هذه الأمة..‏‏

كان شوقهم إلى الجولان وفلسطين كبيراً... شوق تحرير الأرض من الغاصب الصهيوني.. نرى في عيونهم أن التحرير قادم وأن يوم العودة قريب.. وقريب جداً.‏‏

asmaeel001@yahoo.com ‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية