هذا السيناريو وارد وقوعه ولن يكون فيه غالب أو مغلوب . لأن الكل في الخطر سواء، ولو اشتعلت هذه الحرب ،فهذا معناه أن كارثة ستحل بالأرض لايخمد أوارها النووي فسيواجه العالم الهلاك البيئي الجماعي والعجز في تقديم الإغاثة العاجلة للإنسان والحيوان والنبات . كما أن الحرائق ستشتعل في الغابات والأحراش وآبار النفط والمدن لتصبح الكرة الأرضية جحيما لايطاق لما جناه الإنسان بغروره وحمقه .وسينتاب العالم شتاء نوويا يقضي على النسل والحرث . فالبيئة العالمية سينقلب حالها وسيتغير المناخ العالمي نتيجة دخان الحرائق الكثيف والغبار الدقيق الذي سيتصاعد بالجو نتيجة الانفجارات والارتطامات للقنابل النووية مما سيحجب أشعة الشمس وسيقل هطول الأمطار ليمر العالم بحالة من الجفاف المستحكمة وتزداد رقعة التصحر بشكل مخيف . ولأن الدخان يمتص أشعة الشمس والغبار يعكسها ويشتتها لدرجة لاتجعل النباتات الخضراء تمتصها للقيام بعملية التمثيل الضوئي فلا تنتج محاصيلها ليواجه الأحياء الجوع.
ففي خلال عدة ساعات من الحرب ستنخفض درجة حرارة الجو 7درجات مئوية قرب السواحل و25 درجة مئوية داخل اليابسة . وسبب قلة انخفاض درجة حرارة المناطق الساحلية أن مياه المحيطات والبحار بها مخزون حراري سيمدها منه و سيلطف الجومما سيحد من تأثير احتجاب أشعة الشمس عن الأرض . ويتوقع خبراء المناخ أن متوسط درجة حرارة الأرض لن يزيد عن 13درجة مئوية . لكن لوانخفض هذا المعدل 3-5 درجات مئوية . فإن الكرة الأرضية ستمر بعصر جليدي مؤقت . وهذا ما يعرف بالشتاء النووي في أعقاب التفجيرات النووية الهائلة والتي يتوقع أن درجة حرارة اليابسةالبعيدة عن مياه المحيطات والبحار ستصل إلى تحت الصفر المئوي .
وفي دراسة توقعية لمنظمة الصحة العالمية أنه إذا قامت حرب نووية. فإن بليون نسمة سوف يقتلون من الضرب المباشر وبليوناً آخرين سوف يقتلون بطريقة غير مباشرة . أي أن العالم سوف يفقد ثلث ميراثه من البشر في حرب نووية واحدة. لأن احتراق المدن والغابات وآبار النفط سوف يولد سحبا دخانية كثيفة ليصبح العالم في ظلام دائم . فالانفجار النووي في مكان ما يولد 3000 -4000 درجة مئوية تكفي لصهر أو إحراق أي شيء في المكان . وكل ميجاتن تنفجر فوق الأرض ستخلف غبارا مشعا يعادل وزنه 100 ألف طن . وهذا الغبار سيظل يصيب الكرة الأرضية باللعنة الإشعاعية لأبد الآبدين لتصيب الأحياء وتلوث التربة والمياه السطحية والجوفية مما يغير من الخريطة الجينية للأحياء من حيوانات ونباتات ويغير شكل الحياة فوقها .فالذين سينجون من هذه الضربات النووية لن يسلموا من التعرض لهذه المخاطر الإشعاعية والتي يصعب علينا توقيها . لأنهم سيعيشون فوق كوكب بارد وملوث بالإشعاعات النووية
ويعتبر الشتاء النووي حالة بيئية تسفر عن تفجير مئات القنابل النووية لأنه ظاهرة مؤسفة للبيئة حيث يتوقع بعض العلماء حدوثه نتيجة لمئات التفجيرات النووية في أي حرب نووية محتملة النشوب مما ستولد تأثيرا مدمرا للضوء والحرارة والإشعاعات والقصف نتيجة الانفجارات النووية . ويتوقع العلماء عدم التنبؤ بالتأثير غير المباشر له على البيئة . لكن بينت بعض الدراسات أن طبقة الأوزون بالأجواء العليا (الإستراتوفير) التي تحمي الأحياء من الأشعة فوق البنفسجية والتي تأتي الأرض من الشمس يمكن أن تترقرق نتيجة أكاسيد النيتروجين الهائلة والتي ستطلقها بالجو هذه التفجيرات النووية . كما أن الغبار المتصاعد من شدة التفجيرات للأجواء العليا سيحدث ما تفعله المذنبات أو الأجسام الفضائية عند ارتطامها بالأرض سوف يحجب ضوء الشمس عن الوصول لسطح الأرض مما يؤدي إلى تبريد مؤقت لسطحها علاوة على الدخان الناجم عن الحرائق الهائلة والذي سيغطي المدن والغابات وآبار النفط كما أن الدخان سوف يتصاعد نتيجة الحرارة الزائدة التي تحدثها الانفجارات ويظل عالقا لمدة أسابيع حتى يهبط من الجو على الأرض ويلوثها . ومئات الملايين من أطنان الدخان سوف تذروها الرياح من الغرب للشرق لتصبح الجزيئات الدقيقة فوق نصف الكرة الشمالي في حالة الحب بين روسيا وأمريكا مكونة حزاما حول الأرض وهذا الحزام سيكون ستارة تحجب الشمس لمدة أسابيع . لتبرد الأرض لدرجة تعرض الأشجار بالغابات للتجمد كما تمنع التمثيل الضوئي للعتمة التي تسود هذه المناطق مما سيهلك المزروعات ويصيبها بالإشعاع .ليموت الآلاف من الجوع والمرض . حقيقة معظم الناس يمكنهم توقي البرد إلا أنهم سيستهلكون مخزون سنتين من الطعام للتدفئة والطاقة بأجسامهم . لكن فائض الإنتاج الزراعي في هذه الحالة لن يكفيهم . وهذه البرودة ستجعل البشر والحيوانات في نهم لاستهلاك الطاقة بكافة أنواعها المتاحة فوق الأرض سواء أكانت طاقة تقليدية كالنفط والفحم . لأن الطاقة غير التقليدية أو المتجددة لن تكون متاحة من مصادرها سواء من طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية أو قوة المياه . ولن يكون هناك طعاما في السوبرماركتات يكفي لاستهلاك البشر سوى لمدة شهر على الأكثر ولن يكفي حتى الأحياء الذين عاشوا بعد هذه الحرب الشاملة . كما تقول تنبؤات منظمة الفاو .
ويتوقع الخبراء أن الأرض سيعقب برودتها وشتاءها النووي صيف نووي . وهذا ماجعل الدول الكبرى تفكر في عواقب سيناريو الحرب النووية بإمعان ولاسيما عند نشوب ظاهرة الدفيئة . لأن الجو المحيط بالأرض سيمرر الضوء المرئي للأرض ولن يدع الأشعة الحمراء التي تقع على سطحها ترتد أو تتسرب .لهذا سترتفع درجة حرارة الجو المحيط بشكل متنام لأن الجو ذاته سوف يحتفظ بها .